من واقع الحال – فوز فرنسيس


~~~~~
وعندما تفتحُ عينيك صباحا
تفقّد ذاتك وكيانك جيّدا..
ربّما.. وأنت غارق في النوم.. مرّت بالقرب قذيفة بترت يدك أو ساقك أو أطاحت برأسك

رأسُك موجود .. لا تبخَل ببسمةٍ تعلو وجنتيك..
تفقّد مَن حولك وأهلُ بيتك
وابدأ بالتفكير ولا تدع أيّ شيء يسرق أو يعكّرُ صفوَ برنامجك اليوميّ…

ارتشف قهوَتَكَ على عجَل..
هي الحياةُ في سباقٍ دائم مع الزّمن ومعَك
لا تُمهِلك لحظات للتّأنّي أو لحظات تأمّل..
أسرِع أتْمِم تجهيزَ ذاتِك..
كماكنةٍ بارعةٍ يوما بعد يوم تصير ..
روتينُك اليوميّ بات يختزلُ ثوانٍ أو دقيقة كلّ يوم..
تبسِمُ لذاتِكَ على إنجازها المهامّ بوقتٍ أقلّ عما كان في السّابق
فالتّكرارُ يعلّم..
حذارِ … بدأتَ تطلقُ عنانَ التّفكير
لا وقتَ لتهدرَهُ بأتفهِ الأمور
الكلّ خرج من مخادعِ سكينَته وصمته وأمانه المؤقّت النسبيّ..
أسرِع وانطلق..

وأنتَ تشقّ بابَ بيتك
أنظرْ إلى كبدِ السّماء وشمسِ الصّباح..
ابدأ بدوزَنةِ وغناء إحدى أغنياتِك المفضّلة..
يمكن أن يعلو صوتُك حتّى لو كان نشازًا … فما مِن أحد يسمعك سواك..

بعدَ ثوانٍ قد تديرُ محرّكَ مركبتِك وحالا تُشغّلُ المذياعَ فيها..
لماذا تسارعُ النّفسُ لتُصغيَ إلى جديدِ الأخبار كلَّ يوم؟!
هل من شيء يسرُّ النفسَ في هذا الكون؟
كلّها حوادثُ قتل.. إطلاقُ نار
هجومٌ مسلّحٌ هنا..
حرب هناك وهنا.. هنا وهناك

وأنت تصغي لهذا الرّوتين المُقلِق المخيف المرعب
تسمعُ صدى دويِّ الرّصاص بين ثانيةٍ وأخرى يعكّرُ هناءَ الرّوح
يقلقُ الأذنَ..
ترنو العيونُ مُتيقّظةً يمينا ويسارا
هل دبَّ الرّعبُ وهاجمَ تفكيرَك
حذارِ .. حذارِ ..
لا تسمح أن يُعشْعشَ القلقُ في رأسِك وقلبِك
حذارِ أن تتوتّرَ أطرافُك.. وتذكّر أنّك تقودُ مركبتكَ..

تطولُ الطّريقُ أو تقصُر
وأنتَ تتخبّطُ بينَ ما تسمعُه أذناك
وبين فكرةٍ تطفو على سطحِ الخيال..
وفاصلٌ غنائيّ لدقائقَ معدودة
غيرُ كفيلٍ أن يغيّرَ ..
واقعَ الحال
ولا حالَ الواقع

وأنتَ تتابعُ وتحملُ كلَّ هذا إلى عملِك أو دراستك أو وُجهَتِك.. ورجوعًا أيضا إلى بيتك..
……
………

أطلق سراحَ خيالِك وحاول أن تزيّنَ أحلامَك ببسمةٍ
هل فقدتَ القدرةَ على الابتسام؟

فكّر لو استطعت.. كيف تطوّرُ ذاتَك وترقى
أم هل باتَ التفكيرُ عقيمًا مكبّلًا؟

أحبِب ذاتَك وابتعد عمّا يعكّرُ هناءَك وصفاءَ ذهنِك
كلُّ شيء باتَ قذرًا ورهيبًا بالجوار ..
والهناء باتت كلمةً افتراضيّةَ الاستعمال

تأوَّه.. تأَفّف… خذ نفسًا عميقا واطلِق زفرةً طويلةً..

اصبِر .. اصبِر
فالصّبرُ داءٌ بات ودواءُ المُعدَمين والمعذّبين
والواقعُ لا زال عنيدًا صلبًا مريرًا أليمًا نازفًا عقيمًا
يقفُ لك بالمرصاد لا يتزحزح
فإمَا أن يكسرَك ويُحبطَ عزيمتَك
وإمّا أن تقبلَ صليبَك..
على مضضٍ تحملُه ويحملُك..

Post Tags:

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*
*