ابو خالد لم يفكِّر بنفسه ابداً – بقلم وضحى ابراهيم تركي داود عمل

ابو خالد ابراهيم تركي او برهوم البُلشفي كما اسماه دكتور خالد أخي، توفي آخر المناضلين الابطال، لمَّا كان النِّضال دافعًاداخليًّا وارادةً وعزمًا وعن قناعة لتحرير المجتمع  دون ان يكون اسمه مدوَّنًا في الصُّحف. توفي والدي الحبيب الذي لم يكن يعرف الرَّاحة لا عندما كنَّا صغارًا ولا عندما كبرنا..

ابو خالد لم يفكِّر بنفسه ابدًا، دائمًا، كانت حياة الآخر في فكره واهتمامه، كناَّ نشعر به عندما كنَّا صغارًا وتحصل مناوشة لا دخل لنا فيها ويكون هناك انسان مظلوم رأسًا يتجه نحو الشَّارع للمساعدة، لمساعدة الضَّعيف ونحن نصرخ يابا ما دخلنا ارجع ارجع لكنَّه يفعل ما برأسه..

ابي، برهوم كان شعلة ذكاء ثقافة تعلم في المدرسة الأسقفيَّة للرُّوم الملكيِّين الكاثوليك، حتى الأوَّل ثانوي عام النَّكبة، لقد كان في عمله حدَّادًا “ولحِّيم اوكسجين، كان وكأنهَّ تعلَّم الهندسة، كان يقرأ خرائط هندسة بناء الهياكل الحديديَّة في مصانع الفولاذ حتَّى ان المهندسين استشاروه في بعض القضايا العالقة في المصنع.كان ابي رأس البيت، يعمل وحده لاعالة سبعة انفارٍ وربما اكثر ولم نسمع منه كلمة تذمُّر، يستيقظ صباحًا في السَّاعة السَّادسة الا ربعًا والراديو يصدح من الاذاعة السُّورية، صوت الجمهوريَّة العربيَّة السُّوريَّة من دمشق، واغاني العظيمة السَّيِّدة فيروز، وقد كنَّا وقتها متحيِّزين للرحابنة وللمطربين اللبنانين بامتياز. ويعود في الرَّابعة بعد الظُّهر لنجلس جميعنا مع ام خالد وابي خالد ونتبادل اطراف الكلام جميعنا، يستمع للصَّغير والكبير لم يحرمنا ابدًا لا من ملبس اردناه ولا من وجبة طعام، مع ان الحالة والوضع الاقتصادي لم يكن هيِّنًا، على قدِّ الحال، في ذاك الوقت كان ابو خالد يخرج من حيفا في وقت فراغه بعد الظهر ويركب الدَّراجة ويأخذ جرائد “الاتحاد” تحت ابطه ليوزِّعها في القرى المجاورة شفاعمرو والمكر  فكانوا يعرفونه ״اجا الشُّيوعي ابراهيم ״ وكانوا يحبُّونه..

ابراهيم تركي المثقَّف الذي ربَّانا على حب ستالين لينين جيفارا كاسترو روَّاد النِّضالات انذاك احببناهم وكبرنا على ذكراهم  بينما لم يكن المجتمع من حولنا هكذا..

لقد حفظ والدي اشعارًا كثيرة منها الوطنيَّة والحزبيَّة الشُّيوعيِّة بامتياز لم يخف ابدًا المنايا ولا المنون.

كان ابي دائماً رفيق الاحفاد ايضًا، فقد احبوه واحبهم وحكى لهمقصصًا للاطفال..

ابي الغالي شفيعي وصديقي وحبيبي، أنت لم تحب البكاء، نعم لم تحب البكاء، لذلك لن ابكيكَ فقد ولدت شجاعًا عن بني جيلك وفقدناك شجاعًا واعيًا تبادلني الافكار والاراء السِّياسيَّة لذلك احببتُ من احببتَ من الثُّوار العرب كالقسَّام وعبدالنَّاصر والهوَّاري بو مدين وبن بلا ومن السِّياسين اللبنانِّيين الاحرار..

شكرًا لك يا والدي على هذه التَّربية ومن خلَّف ما مات انجبتَأخي خالد “شمعة بتضوِّي ع مدينة” حسب ما كان الاقارب يقولون لامي. اخي خالد كان لك الاخ والصَّديق والطَّبيب المداوي لك، لم يبرحك ابدًا، لازمك طوال الوقت،عندما أسأله وينك خيا انا عند ابوي.. وهكذا أطال عمر والدي بعنايته واشرافه حتى آخر نفس..

أخي خالد الله يعطيك طول العمر..

يابا الله يسهِّل عليك وهذه سُنَّة الحياة..

Post Tags:

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*
*