لا تغضَبُ د. خالد تركي – حيفا

لا تغضب يا ميخائيل، حينَ أَتتكَ ساعتُك غيلةً..

لا تغضب يا ميخائيل، حينَ رحلتَ باكرًا مُكرَهًا..

لا تغضب يا ميخائيل، حينَ بكاكَ محبُّوكَ علقمًا..

فهذا هو القدَر..

بل إغضَب ونغضَبُ معكَ على هذه الحرب المجنونة الملعونة 

بل إغضَب ونغضَبُ معكَ على ذلك المجنون الملعون وشلَّته الحاقدة والحقودة، التي وجدت من سَفك دماءِ الأبرياء على طرفَي الحدود غايةً ووسيلةً تضمنُ فيها بقاءها على سدَّة الحكم، على أعناقِناوعلى اكتافِنا وعلى دمائنا يُتاجر بحياة الجميع ليبقى على عرشه ومحافظًا على هذا العرش..

بل أغضَب ونغضبُ معكَ على قتل الأبر ياء العُزَّل، من أطفالٍ ونساءٍ وعجَّزٍ ومن شبابٍ وشابَّات، دون أن يرمِش رمشُ وجفنُ دعاةِالسَّلام والدِّيمقراطيَّة والحرِّيَّة المزيَّفة التي تكيل بمكيالين..

بل إغضَب ونغضَبُ معك على ذوي القُربى الأشرار الذين يجلسون في قصورهم المشيَّدة وبروجهم العاجيَّة لا يُحرِّكون ساكنًا، لتلك المذابح الإجراميَّة ضدَّ أبناء جلدتهم، يُبرزون قصورَهم وتهاونَهم تجاه أبناء أُمَّتهم ليحموا اقفيتهم من السُّقوط..

أقول لهم ثَكِلتكم أمَّهاتكم يا أسْفل خلقِ البشر..

لقد رحلتَ وبقيت بقيتَ معنا حيًّا في قلوب البشر الذين منحتهم قلبَك وكبدَك وعينيك وكليتَيكَ وقد منحتهم أعزَّ ما تملك في سبيل راحة الآخر الذي لا تعرفه، انقذتَهم ويحملون الآن أجزاءً منك علَّهم يحملون أيضًا رسالة السَّلام واخوَّة الشُّعوب التي كانت لك ولعائلتك الكريمة الحبيبة، دينَك ودَيدَنَك..

برحيلك أيُّها الفدائيُّ، قد أفتديتَ بأعزَّ ما تملك، من بعضِكَ، من أجل إحياء الآخرين، فقُم أيها المخلِّص فأنت اليوم قدَّمتَ جسدك قربانًا مقدَّسًا لإحياء الآخرين..

لقد وصلَت رسالتك، التي أتممتَها اليومَ، وبلَّغتَ المَلأ أنَّك تحبُّ الحياة والتَّضحية فأهديتَ كلَّ واحدٍ منهم قطعةً من جسدِك، ونحن نشهدُ لكَ على هذه الشَّهامة والإيثارية والعِزَّة والنَّخوة، ﴿..وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾..

نحملُ صوتَك ونستمرُّ في دعوتِك وتضرُّعِكَ لنهتفَ بصوت يُجلجل بين السَّماءِ والغبراءِ..

كفى لسَفك الدِّماء والقتل والذَّبح والتَّعذيب..

لأنَّه سببُ المأساة هو الإحتلال وإحلالُ السَّلام هو الحلُّ..

لأنَّ الإحتلال إلى زوال وبقاؤه من المُحال مهما طالَت الحال..

لروحك الزَّكيَّة، يا ميخائيل السَّكينة والسَّلام..

لروحك الطَّاهرة، يا ميخائيل دمعتان ووردة..

تحيَّة كبيرة للذين زُرعت فيهم أعضاء من جسدِ ميخائيل من جنسيّات وقوميَّاتٍ مختلفة، وُلِدتُم من جديد فلكُم الحياة، و لميخائيل الحيِّ فينا لكَ الخلود والمجد والسُّؤدد والعزَّة..

وأرفع تعازيَّ القلبيَّة الحارَّة لوالديكَ، الغاليين يانكا (السلوفاكيَّة) ونصرات (العربيِّ)، واخوتك جورج وجوني، ولجميع أفراد عائلتك الكريمة واهلكَ الأَعزَّاء، وكذلك نعزِّي أنفسَنا بهذا المُصاب الجللوبهذه الخسارة الكبيرة..

في هذه الصُّورة الأليمة قوميَّات مُختلفة وجنسيَّات متباينة لكنَّها اتَّحدت في قلب ميخائيل نصرات يانكا سمارة..

كُلُّ قلوبِ النَّاس جنسيَّتي.. 

لكَ المجد والذِّكرى الخالدة الحسنة والعطرة في قلوبنا وأفئدتنا..

Post Tags:

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*
*