مغارة الكتّأن – فوزي حنا

على بعد مائتي متر شرقي باب العمود في القدس مدخل مغارة تاريخيّة عظيمة، عُرِفَت أيضًأ باسم مغارة القطن، ويقول المقدسي في أحسن التقاسيم إنهم خزنوا فيها القطن ومن هنا جاء اسمها، وقيل إنهم خزّنوا الكتان أيضًا، ولقرب باب العمود منها سُمِّي في بعض المصادر باب المغارة.يقول الدّبّاغ في (بلادنا فلسطين) إن يوسيفوس دعاها مغارة الملوك. قد يكون هذا بسبب الاعتقاد أن الملوك اقتلعوا منها الحجارة لبناء قصورهم ومعابدهم،  ومن هنا جاءت تسمية الحجر (الحجر الملكي).يقول الدّبّاغ أيضًا، نقلًا عن تاريخ القدس ودليلها : إلى الشرق من باب العمود كهف عظيم يمتدّ تحت المدينة إلى مسافة 500متر، وقد دعا مؤرّخو العرب هذا الكهف مغارة الكتّان أو مغارة القطن، والأرجح أن الحجارة التي بني منها هيكل سليمان قُطعت من هذا الحجر، ويرى الدّاخل للكهف أماكن للسرج أو المصابيح التي كان قاطعو الحجارة يستنيرون بها.ربّما لهذا أطلق عليها بعضهم اسم مغارة سليمان.ومن هنا أطلق عليها الانتداب البريطاني اسم King Solomon Quarries أي مقالع الملك سليمان.ويحلو للإسرائيليّين تسميتها (مغارة صدقياهو) كي يربطوا بينها وبين هروب ملك يهودي من المدينة إلى بادية أريحا عام 586 ق.م. كما جاء في سفر الملوك ب 25 من التوراة.وفي أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم للمقدسي جاء ما يلي: ومن العجائب بإيلياء مغارة بظاهر البلد عظيمة، سمعت من بعض العلماء وقرأت في بعض الكتب أنّها تنفذ إلى قوم موسى وما صحّ لي ذلك، وإنها مقالع للحجارة وفيها طرق ندخل فيها بالمشاعل بين فلسطين والحجاز. رغم كل ما قيل من حقائق وأساطير تبقى حقيقة كونها مقلعًأ للحجارة لوجود آثار على جدرانها وكونها كبيرة ربما تكون الأكبر في المدينة المقدّسة.تتضارب المصادر حول أبعاد المغارة، منها ما يقول إن طولها  220 أو 230 أو 325 والعرض الأكبر 100م ويختلف ارتفاعها بين 4 و 16 و 20 و 50 حسب المصدر، أما سمك الصخر فوقها فبين 6 و 14م.تخرج من المغارة أنفاق باتجاه الجنوب والشرق، قيل إنّها كنعانيّة.عندما بنى العثمانيّون الأسوار الحاليّة في منتصف القرن السادس عشر، أغلقوا باب المغارة لأسباب أمنيّة.ظلّت مغلقة قرنين من الزمان حتّى جاء الباحث الأمريكي الدكتور جيمس باركلي سنة 1854م وبعد بحث طويل اهتدى إليها بالصّدفة، وهو مَن ربط بينها وبين نصوص التوراة في كتابه(مدينةالملك العظيم)، وكتب أن طول المغارة 225م ومساحتها 9000 متر مربّع.وفي العام 1868 جاء تشارلز وورن أحد أهم الباحثين وأحد أعضاء صندوق اكتشافات فلسطين (.P.E.F) وكان ماسونيًّا، أي البنّائين الأحرار، الذين يؤمنون أن الملك سليمان كان أعظم البنّائين، ومن هنا جاءت تسميتهم. دعا جماعته للاجتماع في هذه المغارة، وفيها اكتشف وورن نقشًأ أشوريًّأ من القرن السابع أو الثامن قبل الميلاد، وهو عبارة عن مخلوق غريب له جسد حصان مجنّح له رأس إنسان، النقش معروض في متحف اللوڤر في پاريس.وفي العام 1924 اكتشف الباحث البريطاني مونيكتون نقشًا بيزنطيًّأ يظهر فيه وجه تحيطه هالة.في داخلها نبع يقطر فيه الماء من السقف  وهناك قاعة البهائين الأحرار. وهناك مناطق مغلقة لشدّة انحدارها حفاظًأ على سلامة الزائرين.

Post Tags:

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*
*