كنيسة الأمم (الجتسمانيّة، الجسمانيّة) – فوزي حنا

عند أقدام جبل الزّيتون، وعلى حافّة وادي قدرون، كرم زيتون عتيق، جاء ذكره في الإنجيل المقدّس، جتسماني، وهو الكرم الذي قضى فيه السيّد المسيح الليلة التي فيها تمّ اعتقاله، حيث اختبأ تلاميذه في مغارة وتركوه يصلّي وحيدًا وخانه يهودا بقُبلة. (متّى 26 ومرقس 14) .في هذا الكرم المقدّس بنى البيزنطيّون، في القرن الخامس، كنيسة جميلة مزيّنة بفسيفساء ملوّن في غاية الجمال، أسموها (كنيسة المخلّص).في العام 614 هدمها الفرس حين احتلّوا البلاد، كما فعلوا في الكنائس الأخرى.في القرن الثاني عشر بنى الفرنجة مكانها كنيسة كبيرة وحافظوا على بعض ما بقي من السابقة، لكنّ المماليك هدموها حين احتلّوا البلاد في القرن الثالث عشر.ظلّ الموقع تحت سيطرة الدّولة، في ظل الدّولة العثمانيّة أيضًا، إلى أن اشتراها الفرنسيسكان في أواخر القرن السابع عشر (1681) واقاموا لهم ديرًا فيه مصلّى صغير، في القرن التاسع عشر.في العام 1924تمّ بناء الكنيسة الحاليّة والتي صمّمها المهندس الشّهير أنطونيو برلوتسي، وتسمّى كنيسة الأحزان او الآلام، لأنّها بداية آلام يسوع باعتقاله، وتسمّى أيضًا، كنيسة الأمم، ذلك لانّ اثنتي عشرة دولة شاركت في تمويل بنائها، وتمّ تخليد هذه الدّول باثنتي عشرة قبّة،في داخلها رموز لهذه الدّول، وهي : ألمانيا، بلجيكا، إيطاليا، فرنسا، إسپانيا، بريطانيا، كندا، الولايات المتّحدة، المكسيك، الأرجنتين، البرازيل وتشيلي.الدّخول إلى الكنيسة عبر كرم زيتون عتيق يعود إلى أيام المسيح.واجهة الكنيسة من الغرب كالهرم، في قمّته صليب السّيّد المسيح محاط بزوج من الأيائل، رمز لما جاء في مزمور 42 من مزامير داود (كما يشتاق الأيل إلى جداول المياه، هكذا تشتاق نفسي إليك يا الله)، وفي مركز الفسيفساء الذي تحته يظهر يسوع راكعًا على الصّخرة يصلّي وفوقه الملاك جبرائيل، يحمل الحرفين (ألفا و أوميچا) اللذين يرمزان للبداية والنّهاية، كما جاء في رؤيا يوحنّا:(أنا هو الألف والياء، البداية والنهاية، بقوّة الرّبّ الكائن والذي كان والذي سيأتي، القادر على كلّ شيء).وفي اللوحة أيضًا بعض الحكماء يحملون لوحة، فيها كلمة (Ignoratio) اللاتينيّة والتي تعني (جهل).وفي أسفل اللوحة نصّ من الرسالة إلى العبرانيّين (5): (الذي في أيّام جسده إذ قدّم بصراخ شديد وطلبات وتضرّعات للقادر ان يخلّصه من الموت، وسُمِع له من أجل تقواه.)ولوحة الفسيفساء محمولة على أربعة أعمدة، يحمل كلّ منها احد الإنجيليّين، وكلّ عمود مؤلّف من اربعة أعمدة متلاصقة بشكل صليب، بين الأعمدة ثلاث قناطر ترمز للثالوث الأقدس.نلاحظ إذا ما دخلنا الكنيسة انّها شبه مظلمة حيث شبابيكها لا تسمح بدخول نور كثير وجدرانها طليت بلون كحلي غامق، وهذا يرمز لأحزان المسيح في هذا المكان، ينتهي صحن الكنيسة، المبنيّة بطراز البازيليكا، إلى حنيات ثلاث، الوسطى حيث توجد الصّخرة التي اتّكأ عليها يسوع وصلّى، وفي اللوحة فوق الهيكل نصّ من إنجيل لوقا (22) : وتراءى له ملاك من السماء يشدّد عزيمته، وأخذه الجهد فأمعن في الصلاة وصار عرقه كقطرات دم متخثّر تساقط على الأرض.وفي الحنية اليمنى(الجنوبيّة) رسم يُظهر تسليم يسوع، يرافقه نصّ من إنجيل يوحنا (18) :(فلمّا قال لهم انا هو، رجعوا إلى الوراء ووقعوا على الارض).وفي اليسرى(الشماليّة) تظهر قبلة يهودا ونصّ من لوقا(12): ( يا يهودا، أبقبلةٍ تسلّم ابن الإنسان؟).

Post Tags:

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*
*