سياسة التتريك – بقلم اسكندر عمل


إنّ جمعية الاتحاد والترقي التي استولت على الحكم في الأمبراطورية العثمانية بعد ثورة ١٩٠٨، كانت مبعث أمل لكل الشعوب الخاضعة للحكم العثماني، واعتقد العرب الذين انتظروا بفارغ الصبر جمعية الإتحاد والترقي، أنّها ستمنح الشعوب المختلفة نوعاً من الاستقلال الذاتي، لكنّ هذه الجمعية بعد استيلائها على الحكم خيّبت آمال العرب وغير العرب من القوميات التي خضعت للسلطة العثمانية الجائرة، فقد تبنت فكرة المركزية الشديدة في الحكم، ورأت أنّ الحل الوحيد لمشكلة الأقوام عرباً كانوا أم غير عرب أن تأخذهم بالشدة والعنف والاستغلال.

وفي إطار التتريك شددوا على استعمال اللغة التركية لا في الدوائر الرسمية وحسب ولكن في المدارس أيضاً وأُغلِقت المدارس القومية، وأُلغيت الجمعيات العربية والقومية مثل جمعية الإخاء العربي العثماني فاضطرت الجمعيات العربية الأخرى والتي نشأت حديثاً مثل العهد والقحطانية إلى العمل السري. إنّ الشعوب الخاضعة للسلطة العثمانية عارضت العودة إلى ما كانت عليه قبل عام ١٩٠٨،
هناك الكثير من النصوص التي تثبت أنّ جمعية الإتحاد والترقي قررت وفي أنحاء مختلفة في الأمبراطورية ليس في الولايات العربية فقط، استعمال العنف من أجل فرض التتريك، مثلاً في خطاب لطلعت بيك، أحد أركان جمعية الاتحاد والترقي، أمام رجاله في البلقان ” لقد باءت جميع محاولاتنا لتتريك الكفار …… وأية محاولات ستبوء بالفشل… ما دامت الولايات الصغيرة المستقلة في البلقان مراكز لنشر الدعوة للانفصال بين سكان مقدونيا… وعليه لا يمكن أن يكون هناك مساواة بين مواطنين ما لم نفلح أوّلاً في تتريك الأمبراطورية وهو عمل شاق وطويل المدى…. وإنني لأجرؤ أن أتنبأ أننا سننجح في نهاية الأمر.”
إنّ برنامج التتريك كان حافزاً قوياً لزعماء العرب للتشديد في مطالبتهم بالاستقلال التام للبلدان العربية، أي أنّ السياسة العرقية للإتحاد والترقي هي التي ألهبت شعور القومية في نفوس العرب.

Post Tags:

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*
*