وادي النّخابير (סחף) – فوزي حنا
- by منصة الراي
- December 28, 2023
- 0
- 408  Views
- 0 Shares
قد تكون كلمة النّخابير تحريفًا للنخاريب وهي الشقوق، وهناك اكثر من موقع يحمل هذا الاسم، ففي منطقة البحر الميّت وادي النخابير الذي ترجم اسمه إلى العبريّة (پراتسم פרצים)، وهذا الثاني في منطقة غزّة، وهو أحد روافد وادي غزّة، وهو محور حديثنا، ويسمّى بالعبريّة (ساحَف סחף) بمعنى جَرف، ذلك بسبب الجرف الكثير لتربة اللسّ سهلة الجرف.هنا وعلى مقربة من قطاع غزّة وفي المجرى الأسفل للوادي تكوّن ما يشبه المنخفض المحاط بتلال، وفي هذا المنخفض كمّيّات من الجرف، ويشقّ الوادي طريقه في عدّة مسارات مكوّنًا شقوقًا في تربة اللسّ، ومن هنا جاء الاسم العربي، وسمّيت هذه النّخابير (بترونوت בתרונות) أي شقوق عميقة في الأرض.عاشت في هذه المنطقة حتى أيّام الانتداب البريطاني عائلات من عرب الترابين، في تجمّع أطلقوا عليه اسم (ابو مالك)، وكانت عائلة غزّاويّة غنيّة تملك هذه الأرض.في أيّام الانتداب، اقيم معسكر للجيش هنا، كان فيه ضابط مخابرات يدعى (ليونارد وليامز)، وكان خبيرًا بالجيولوجيا، لاحظ في تجواله في النخابير طبقات من الكبريت المتميّز بلونه ورائحته، فتقدّم بطلب لاستخراجه وتصنيعه، وكان له ذلك، فاقام شركة بريطانيّة – عربيّة، واقام مصنعًا، كان ذلك سنة 1933، وبدأ العمل باستخراج الكبريت وتصديره إلى تركيّا واليونان ومصر والهند، ذلك لان استعمالاته كثيرة كصناعة المتفجّرات والأسمدة والادوية، وصل سعر الطن الواحج إلى مبلغ يتراوح بين 20 و40 ليرة فلسطينيّة التي كانت قيمتها كقيمة الاسترليني، وحين قلّت كمّيّة الكبريت، توقّف العمل في المصنع سنة 1946، وكانوا قد استخرجوا من الارض آنذاك نحو 10 آلاف طن.انتقل وليامز إلى منطقة البحر الأحمر وبنى له بيتًا في مخرج وادي المصري (شلومو שלמה), وما زال البيت موجودًا، يستعمل فندقًا، وفي العام 1948، بعد قيام دولة إسرائيل، هرب إلى العقبة بحرًا خشية الوصول إليه واعتقاله.في النخابير أقيم في سنة إغلاق المصنع كيبوتس (بئيري בארי)، وفي العام 1949 انتقل إلى تلّة تبعد 2كم عن الموقع، تسمّى المشيرفه، ذلك لأنّها تشرف على ما حولها، ونستطيع اليوم الوقوف هناك لنرى أحياء من غزّة.النخابير ومحيطها محميّة طبيعيّة تبلغ مساحتها نحو 200 دونم، فيها النخابير وطبقات من الكبريت الذي ممكن تمييزه باللون والرائحة، كذلك مبنى المصنع وبئر الماء العميقة ذات الماء العذب، ويبلغ عمقها 50 مترًا. كما توجد بقايا الاستيطان الاوّل.وفي الرّبيع المبكّر تنوّع جميل من الأزهار، وخاصّةً شقائق النعمان في شباط.