سمخ (المجد الذي انقضى) – فوزي حنا

سمخ، تلك البلدة التي كانت في ازدهار متتابع، أصابتها النكبة في مقتل.كانت تقوم على بقعة البلدة الكنعانيّة كفار سيمح او سماح، في رقعة مستوية جنوب بحيرة طبريا، إلى الشرق قليلًا من مخرج النهر (باب الثّمّ).تأسّست القرية في زمن الإمبراطوريّة العثمانيّة في القرن التاسع عشر، وحين جاءها الجزائريّون مع قائدهم عبد القادر، وكانت قرية صغيرة تتألّف من ثلاثين بيتًا من الطين وبضعة بيوت من حجر أسود، كما كان قد  وصفها الرحّالة السويسري بوركهارت، سنة 1812.في بداية القرن العشرين أخذت القرية دفعة نحو الازدهار، وذلك بسبب مرور سكة حديد حيفا درعا فيها، فزاد بذلك عدد سكّانها وعدد بيوتها ومساحتها، وصارت محطّة القطار فيها تخدم منطقة كاملة خاصّة مدينة طبريّا التي ربطها مع سمخ خط بحري من مرسى المدينة إلى مرسى سمخ.تألّفت محطّة سمخ من عدّة مبانٍ امتدّت على مسافة ثلاثين مترًا، من بينها مبنى الإدارة وهو من طابقين وغرف للمسافرين ومخازن للبضائع وكرنتينا للحجر الصّحّي، كذلك خزّانًا لتزويد القطار بالماء، واضاف البريطانيون فيما بعد خزّانًا للوقود تحت الأرض.كما أضيفت محطّة للجمارك.في العام 1946 فجّرت عصابات يهوديّة جسر الهوا على نهر اليرموك ضمن عمليّة استهدفت العديد من الجسور، فتوقّفت حركة القطار مؤقّتًا، إلى ان حلّ آذار سنة 1948 حيث قامت قوّة إسرائيليّة بتفجير بعض الجسور بين بيسان وسمخ فتوقّفت الحركة نهائيًّا.وفي نيسان سيطرت القوّات الإسرائيليّة سيطرة كاملة على طبريا بعد مجزرة ناصر الدّين، لتنهار معنويّات أهل القرى المحيطة ومنها سمخ، وحين أعلن بن غوريون إقامة دولة إسرائيل في أيّار، دخلت القوات السوريّة القرية وسيطر على المنطقة ثمّ دارت معارك قاسية استعملت فيها إسرائيل سلاح الطيران، أدّت إلى انسحاب الجيش السوري وهروب اغلبيّة سكّان سمخ. ثم تمّ طرد من بقي منهم لتُهدَم قريتهم وتسوّى بالأرض عدا مباني محطة القطار التي تمّ استعمالها عجّة استعمالات إلى ان تمّ مؤخّرًا ترميمها واستعمالها لأغراض دراسيّة تعليميّة.من اشهر شخصيّات سمخ الذين برزوا في الشتات، الإعلامي الأديب فايز قنديل الذي عاش في سوريا وانخرط في حزب البعث، والشاعر محمود مفلح الذي عاش في سوريا إلى ان اندلعت الازمة السورية لينتقل إلى القاهرة، والشاعرصالح هواري الذي عاش في مخيم اليرموك، والكاتب الشاعر ابراهيم مالك الذي يعيش اليوم في كفر ياسيف، وأخيرًا الأديب الكاتب الروائي يحيى يخلف الذي عاش في إربد وانتقل بعد معاهدة أوسلو إلى رام الله ونشط في الحركة الأدبيّة وكان لفترة قصيرة وزيرًا للثقافة.

Post Tags:

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*
*