كنيسة مار جريس – اللد – فوزي حنا

قبل الخوض في تاريخ بناء الكنيسة، من المهمّ معرفة شخصيّة هذا القدّيس.

هو جريس وجوارجيوس وچرچس وجورج والخضر، الملقّب (أبو الظَّفَر)، وُلِد سنة 280م،  لأب يونانيّ من كپادوكيا (أنسطاسيوس) وامّ فلسطينيّة من اللد (ثيوبستي)، خدمَ ابوه في كپادوكيا وهناك تمّ إعدامه بسبب إيمانه المسيحي، عادت الأمّ بولدها إلى اللد، وحين وصل سنّ الجنديّة انخرط في الجيش الرّوماني، وارتقى المراتب حتى صار قائدًا في الحرس الإمبراطوري، وكانت الدّولة آنذاك تضطهد المسيحيّين، وحين طُلِب من جوارجيوس محاربتهم  والتّخلّي عن إيمانه، رفض، الامر الذي جعلهم يعذّبونه بأقسى أنواع التّعذيب، وبقي صامدًا صابرًا إلى ان امر الإمبراطور ديوقليتيانوس بقطع رأسه، كان ذلك سنة 303م، ولاحقًا تمّ نقل رفاته لدفنها في مدينة اللد، كما اوصى.

وقيل إن بعض عظامه موجودة في كنائس تحمل اسمه في قبرص واليونان والعراق.

امّا حكايته مع التّنّين، فترمز للدّفاع عن الإيمان وانتصار الخير على الشّرّ، وقد اشتهرت في السّابق أسطورة أخرى من الميثولوجيا اليونانيّة مطابقة لهذه، هي قصّة أندروميدا وپيريسيوس.

بُنِيت أوّل كنيسة هنا في القرن الرّابع بامر من الإمبراطور قسطنطين، اصابها الخراب في القرن السابع في الاحتلال الفارسي، لكن تمّ إصلاحها لاحقًا، وظلّت حتّى هدمها الفاطميّون في مطلع القرن الحادي عشر، ثم جاء الفرنجة وبنوها من جديد في مطلع القرن الثاني عشر، وكانت كالقلاع، وبعد انتصار الايّوبيّين على الفرنجة  هُدِمت الكنيسة، وبقيت على خرابها، وحين جاء المماليك اقاموا المسجد العمري على جزء منها وبحجارتها، كما اخذوا ما تبقّى من الحجارة وبنوا منها جسر جنداس على وادي المصرارة، وما زال الجسر قائمًا.

وفي زمن العثمانيّين وفي النّصف الثاني من القرن التّاسع عشر، منح السّلطان إذنًا للأرثوذكس ببناء الكنيسة على ما تبقّى من مساحة، وهكذا تمّ البناء سنة 1893، والذي يلاصق الجامع، وفي كلا الجانبين بقايا من بناء الفرنجة.

زائر الكنيسة اليوم يرى درجًا ينزل إلى مغارة تحت الهيكل وفيها قبر مار جريس وعليه نقش على رخام يضع عليه المؤمنون زيت زيتون فيباركه القدّيس ويتبارك به المؤمنون، وفي داخل الهيكل علبة فضّيّة تحوي بعض عظامه.

في الزاوية الشّماليّة الشّرقيّة سلسلة حديديّة تنتهي بحلقة بمحيط رقبة، كانت توضع على عنق المرضى النّفسيّين كعلاج، والآن يتبارك بها الناس (يظهر ذلك في صورة مرفقة).

وعودة إلى عيد اللدّ، الذي يُحتَفَل به يوم 16 تشرين الأوّل وهو يوم استشهاده، أمّا علاقته بالتراث الشعبي الفلسطيني، فموعده في موعد الوسم، قيل (عيد لدّ يا قبله ب14 يا بعده ب14 يا عِزّ الوسم فيه)، فالوسم هو المطر الأوّل الذي يروي الأرض، فلا تجفّ بسرعة،  فهو موسم فلاحة الأرض،  لذا قُلنا (بعيد لدّ اللي ما شدّش يشدّ) أي مَن لم يعدّ ارضه للزرع فليفعل.

وكلّ وسم وانتم بخير !

Post Tags:

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*
*