خربة الجرمق – فوزي حنا

تقع على ارتفاع 1090م، جنوب غرب القمّة التي ترتفع 1208م، وهذه الخربة عاش فيها قوم من الجرامقة،  يقول الباحث مالك صلالحه إنّهم من العرب القحطانيّين نزحوا شمالًا مع بداية دعوة التّوحيد وقبلوها على يدي الإمام بهاء الدّين الذي له مقام في بيت جن. وتقول مصادر أخرى إنّ أصلهم من بلاد ما بين النّهرين.

أمّا هذه الخربة فلم يتمّ بحثها الأركيولوجي إلى العمق، مع هذا فهناك معلومات من باحثين ورحّالة مرّوا من هنا أو مسحوها أو سمعوا روايات تتناقلها الأجيال.

 الدّمشقي الملقّب ب(شيخ حطّين أو شيخ الرّبوة) والذي عاش بين القرن الثالث عشر والرابع عشر يقول في مؤلّفه ( نخبة الدّهر في عجائب البرّ والبحر) يقول إن في هذا الموقع كانت مدينة قديمة سكنها قوم من اليهود الذين دُعوا الجرامقة أو الكنعانيّين.

 وُجِدت فخّاريّات تدل على استيطان منذ العصر الحديدي وما تلاه حتى العثماني.

عن السّكّان العرب الموحّدين قيل إنّهم كانوا أشدّاء وكانت قريتهم مسوّرة ولها بوّابة يُسمَع صرير إغلاقها من بيت جن، كما يروي مالك صلالحه عن كبار السّنّ نقلًا عمّن سبقوهم، وقالوا (واحد من الجرمق وجوز من حرفيش وصُربه من بيت جن) بمعنى أن الرّجل من الجرمق برجلين من حرفيش ومجموعة من بيت جنّ . (مساكين أهل بيت جن) !

أمّا عن نزوح سكّان القرية فربّما لمضايقة العثمانيّين لهم أو لخلافات مع سكّان حولهم، لكن هناك رواية تتناقلها المطبوعات وهي أن أهالي القرية لم يقبلوا فرض جابي الضرائب العثماني بدفع ضريبة الأرض والمحصول، وللتّخلّص منه ألقوه في الجب العميق (الهوتة)، وحين عرفت السلظات ذلك انتقمت منهم بإلقاء بعضهم في الهوتة بينما استطاع بعضهم الهرب إلى حوران وما زال أحفادهم هناك يُعرَفون بالجرامقة.

 بعد خراب القرية سكنتها عائلات من بيت جن تمتلك بعض أراضيها، ويقول الباحثان كوندر وكيتشنر من صندوق الاكتشافات الفلسطينيّة (P.E.F) اللذان زارا الموقع في أواخر القرن التاسع عشر فوجدا ثلاثين عربيًّا يسكنون المكان.

 في العام 1831  سيطرت القوات المصريّة بقيادة ابراهيم باشا، وكان أن أصابه سقم، وكان في صفد مطبّب شعبي صاحب مطبعة اسمه يسرائيل بَك، ساعده على الشفاء، فكافأه بأن وهبه مزرعة في الجرمق، لينتقل إليها ولده نيسان ويهتم بشؤونها، وفي  1/1/1837 زلزلت الأرض زلزالها وخربت صفد، وانتقل يسرائيل لينضم إلى ابنه، لكن الوضع تفيّر في أيّار 1840 إذ دحرت القوّات العثمانيّة مدعومة بالجيش البريطاني الجيش المصري عن  فلسطين، فألغت الدولة العثمانيّة كل الامتيازات التي منحها الباشا المصري، ومنها هذه المزرعة، لتعود عائلة بَك إلى صفد، وبسبب هذه المزرعة اختصرت لجنة التسميات الإسرائيليّة كل التاريخ بتسمية الخربة خربة بَك.

في الموقع اليوم بركة تجميع ماء المطر وعين ماء وبقايا معاصر وجدران بيوت وأشجار جوز وتوت، وغربها توجد الهوتة الشّهيرة التي يبلغ عمقها الكلّي نحو 70 مترًا، بينما يظهر بيت حارس الأحراش شمال غرب الخربة، وله حكاية أخرى.

………..

للتّوسّع في الموضوع، أنصح بمراجعة ما جاء في كتاب الباحث مالك صلالحه عن قريته بيت جنّ.

Post Tags:

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*
*