جرح وملح – سمير دياب


حدث أن تغيرات عميقة في المنطقة العربية أخلت بموزاين القوى الاقليمية والدولية لمصلحة تقدم الإمبريالي الاميركي . فصارت غزة والضفة ولبنان وسوريا ساحات مستباحة لعربدة العدو الصهيوني وإعتداءاته اليومية المستمرة دون رادع أو حسيب. وأصبحت المنطقة مفتوحة على سيناريوهات أحلاها مر: فإما الاستسلام والتطبيع. وإما تصعيد التوترات والحروب والصراعات والتفتيت والمجازر والقتل والتدمير والتهجير.

وكل كلام عن تبادل مصالح أو تقاسم نفوذ أو شراكة بين الأميركي والصهيوني من جهة، مع أي طرف عربي هو بمثابة “ذر الرماد في العيون”. فما تستره الأنظمة العربية أو تجًمله يفضحه ترامب.

ما يقلق، هو ماذا تريد أنظمة البؤس والذل العربية!. وهل هي بالأساس وبالإنتماء الطبقي تريد شيئاً من خارج مكاسبها وامتيازاتها ودفن رؤوسها في الرمال على اعتبار ما يجري من متغيرات يعني كوكب آخر.

المرحلة على خطورتها تستلزم مواجهة شاملة وقدرات كبيرة جامعة من قوى التحرر الوطني العربية والاقتناع بأن النضال الديمقراطي ضد نظم التخلف والتطبيع والتبعية ليس تخويناً بل تغييراً. وأن فعل المقاومة الوطنية ضد المحتل الصهيوني والاميركي ليس إرهاباً بل تحريراً.
فهل يجوز البحث والتفكير الجدي مع قوى التحرير والتغيير الديمقراطي للخروج من حالة البطالة الفكرية والإبداعية رغم الصعوبات ومستويات القهر والاستعباد والخداع الاميركي والصهيوني. والدخول في حالة اليقظة الثورية والابداع الفكري والبرنامجي المنهجي لتوسيع مساحة الأمل بالعمل. فالفكر العلمي لا يستسلم ولا يموت. لكن الإنتظار مقلق ومرض قاتل.

وأعتقد، بعد عقود طويلة من التجارب المريرة من أزمة قيادة حركة التحرر الوطني العربية، وفشل خواتيمها. فإن المحفزات النضالية متوفرة عند كل فئة اجتماعية من فئات المجتمع العربي. فالفقر والبطالة يتصدران المشهد المريع. والحصول على ربطة خبز أو فرصة عمل أو تلقي تعليماً نوعياً بات صعباً. في وقت تتصدر صور شهداء المقاومة والصمود والكرامة والنضال الديمقراطي كل بيت وعائلة، والدمار والخراب والتهجير يطال الملايين .. وبعد!

فالقضايا الوطنية المستعصية كثيرة، فالتحرير من المحتل الصهيوني والاميركي قضية ، والنضال لكسر التبعية ورفع الظلم والاستغلال والتغيير الديمقراطي قضية، والتضامن والوحدة والديمقراطية قضية. والنضال الأممي قضية. وهي قضايا وطنية وإجتماعية مترابطة ومتداخلة تتطلب عدم إغفال جانب من جوانبها. وإن كانت المهمة الملقاة على شعوبنا المقاومة الصامدة وقواها التحررية والتغييرية صعبة وقاسية في ظل المتغيرات الانعطافية الفظيعة، لكنها مهمة ليست مستحيلة. حيث لا مستحيل في السعي والعمل وبذل كل الجهود لتحصين المواجهة بالوحدة الوطنية وبمشروع وطني تحرري شامل والاستفادة من دروس التجارب لتشيكل قوة جماهيرية وسياسية متحصنة بالوعي الطبقي والوطني لتعزيز قدرة المقاومة والمواجهة والنضال ضد عربدة المشروع الإمبريالي الاميركي والصهيوني والرجعي العربي، وضد التبعية والتطبيع أوالخضوع لشروط المبعوثين الاميركيين الصهاينة. والوقت كالسيف، إما مقاومة وطنية جذرية شاملة، وإما الاستعمار الإمبريالي الفاشي الجديد.

الجرح النازف كبير جداً وبلسمه ملح المقاومة للتحرير والتغيير الديمقراطي.

6/4/2025

Post Tags:

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*
*