هل تحاول الإمبرياليّة إحياء ما فشلت به في سايكس بيكو؟! (الجزء الاول)
- by منصة الراي
- July 1, 2017
- 0
- 1503  Views
- 0 Shares
بقلم اسكندر عمل
سايكس بيكو المعاهدة الّتي وُقِعت بين فرنسا وبريطانيا بموافقة من روسيا القيصريّة، هدفت إلى تفكيك الشّرق الأوسط وتقسيمه إلى دويلات صغيرة بعضها تحت حكم ذاتي خاضع لهذه الدّول الإمبرياليّة ودويلات تحت سيطرتها المباشرة كما سنرى في التّفصيل فيما بعد, وجاءت بعد ذلك اتفاقيّة سان ريمو الّتي كانت تطبيقاً لسايكس بيكو ، وقد حاولت الدّول المُنتدِبة كفرنسا في سوريا تقسيمها إلى أربع دويلات على أساس ديني ومذهبي (جبل الدّروز دويلة درزيّة، جبال النصيريّة دويلة شيعيّة، لبنان دويلة مسيحيّة ، الأقسام الباقية من سوريا دويلة سنّيّة) وقد أفشل السّوريّون ذلك وبقيت سوريا واحدة. لكنّ الإمبرياليّة نجحت في فصل لبنان عن سوريا .أمّا جعل فلسطين دوليّة فكان لتسهيل نقلها للحركة الصّهيونيّة ثمّ اجتزاء شرق الأردن منها لإرضاء الأمير عبدالّله في مؤتمر القاهرة عام 1921 .
نجحت بريطانيا في زرع اسرائيل في وسط العالم العربي لكنّها فشلت في معظم مخطّطاتها الأخرى، واليوم تحاول الدّول الغربيّة وعلى رأسها الولايات المتّحدة بالتّعاون مع دول رجعيّة عربيّة خلق شرق أوسط جديد على ذوقها وطبقاً لمصالحها السّياسيّة والاقتصاديّة وبما يتناسب مع شرطيِّهم في الشّرق الأوسط ، اسرائيل. لذلك فإنّ ما يحصل في سوريا واليمن والعراق اليوم ما هو إلّا تطبيق لهذه السّياسة الإمبرياليّة الّتي مارستها في الماضي وفشلت في تحقيقها. ولكي نتعرّف على هذه السّياسة جيّداً علينا العودة إلى جذورها الكامنة في اتّفاقيّة سايكس بيكو.
**اتّفاقيّة سايكس بيكو:
اتّفاقيّة سايكس بيكو هي اتّفاقيّة سرّيّة وقّعها مارك سايكس البريطاني وفرنسوا جورج بيكو الفرنسي باسم حكومتيهما وبمصادقة من روسيا القيصريّة، ووضع نصّها النّهائي في التّاسع من أيّار عام 1916 بعد سلسلة من المراسلات السّرّيّة بين الأطراف الثّلاثة بدأت في تشرين الثّاني 1915 ، وهذه المعاهدة تبرز بشكل واضح المطامع الإمبرياليّة البريطانيّة والفرنسيّة في تقسيم الشّرق الأوسط بعد انهيار الأمبراطوريّة العثمانيّة. والاتّفاقية حسب البنود الّتي سأوردها تقسّم الشّرق الأوسط إلى مناطق احتلال و سيطرة ومناطق نفوذ غير مباشر.
المادّة الأولى: انّ فرنسا وبريطانيا العظمى مستعدّتان أن تعترفا وتحميا دولة عربيّة مستقلّة أو حلف دول عربيّة تحت رئاسة رئيس عربي في المنطقتين (أ) (داخليّة سوريّة) و(ب) (داخليّة العراق) المبيّنتين في الخريطة الملحقة بهذا، ويكون لفرنسا في منطقة (أ) ولإنجلترا في منطقة(ب) حقّ الأولويّة في المشروعات والقروض المحلّيّة وتنفرد فرنسا في منطقة (أ) وإنجلترا في منطقة (ب) بتقديم المستشارين والموظّفين الأجانب بناء على طلب الحكومة العربيّة أو حلف الحكومات العربيّة.
المادّة الثّانية: يُباح لفرنسا في المنطقة الزّرقاء (شقة سوريا الدّاخليّة) ولإنجلترا في المنطقة الحمراء( شقة العراق السّاحليّة من بغداد حتّى الخليج العربي) ما ترغبان فيه من شكل الحكم مباشرة أو بالواسطة أو من المراقبة بعد الاتّفاق مع الحكومة أو حلف الحكومات العربيّة.
المادّة الثّالثة: تنشأ إدارة دوليّة في المنطقة السّمراء (فلسطين) يعيّن شكلها بعد استشارة روسيا وباتّفاق مع بقيّة الحلفاء وممثّلي شريف مكّة.
المادّة الرّابعة: تنال إنجلترا ما يأتي:
1. ميناء حيفا وميناء عكّا.
2.يُضمن مقدار محدود من ماء دجلة والفرات في المنطقة(أ) للمنطقة (ب) وتتعهّد حكومة جلالة الملك من جهتها بأن لا تدخل في مفاوضات مع دولة أخرى للتّنازل عن قبرص إلّا بعد موافقة الحكوتة الفرنسيّة أوّلاً.
المادّة الخامسة: تكون الإسكندرونة ميناء حرّاً لتجارة الأمبراطوريّة البريطانيّة ولا تنشأ معاملات مختلفة في رسوم الميناء ولا تُرفض تسهيلات خاصّة للملاحة والبضائع البريطانيّة وتُباح حرّيّة التّنقّل للبضائع البريطانيّة عن طريق الإسكندرونة وسكّة الحديد في المنطقة الزّرقاء سواء كانت واردة إلى المنطقة الحمراء أو إلى المنطقتين (أ ) و(ب) أو صادرة منهما ولا تنشأ معاملات مختلفة على أيّة سكّة من سكك الحديد أو في أي ميناء من موانئ المناطق المذكورة تمس البضائع والبواخر البريطانيّة.
وتكون حيفا ميناء حرّاً لتجارة فرنسا ومستعمراتها والبلاد الواقعة تحت حمايتها ولا يقع اختلاف في المعاملات ولا يُرفض إعطاء تسهيلات للملاحة والبضائع الفرنسيّة ويكون نقل البضائع الفرنسيّة حرّاً بطريق حيفا وعلى سكّة الحديد الإنجليزيّة في المنطقة السّمراء سواء كانت البضائع صادرة من المنطقة الزّرقاء أو الحمراء أو المنطقة (أ) أو المنطقة(ب) أو واردة إليها ولا يجري أدنى اختلاف في العاملة يمس البضائع أو البواخر الفرنسيّة في أيّة سكّة من سكك الحديد ولا ميناء في الموانئ المذكورة.
المادة السادسة: لا تمد سكة حديد بغداد في المنطقة (ا) إلى ما بعد الموصل جنوبا ولا في المنطقة (ب) إلى ما بعد سامراء شمالا إلى أن يتم إنشاء خط حديدي يصل بغداد بحلب مارا بوادي الفرات ويكون ذلك بمساعدة الحكوميتين.
المادة السابعة: يحق لبريطانيا العظمى أن تنشئ وتدير وتكون المالكة الوحيدة لخط حديدي يصل حيفا بالمنطقة (ب) ويكون لها ما عدا ذلك حق دائم بنقل الجنود في أي وقت كان على طول هذا الخط. ويجب أن يكون معلوماً لدى الحكومتين أن هذا الخط يجب أن يسهل اتصال حيفا ببغداد وأنه إذا حالت دون إنشاء خط الاتصال في المنطقة السمراء مصاعب فنية ونفقات وافرة لإدارته تجعل إنشاءه متعذراً فالحكومة الفرنسية تكون مستعدة أن تسمح بمروره في طريق بربورة ـ ام قيس ـ ايدار ـ غسطا، مغاير، قبل أن يصل إلى المنطقة (ب).
المادة الثامنة: تبقى تعريفة الجمارك التركية نافذة عشرين سنة في جميع جهات المنطقتين الزرقاء والحمراء والمنطقتين (أ) و (ب) فلا تضاف أي علاوة على الرسوم ولا تبدل قاعدة التثمين في الرسوم بقاعدة اخذ العين. إلا أن يكون باتفاق بين الحكومتين ولا تنشا جمارك داخلية بين أي منطقة وأخرى من المناطق المذكورة أعلاه وما يفرض من رسوم الجمرك على البضائع المرسلة إلى الداخل يدفع في الميناء ويعطى لإدارة المنطقة المرسلة إليها البضائع.
المادة التاسعة: من المتفق عليه أن الحكومة الفرنسية لا تجري مفاوضة في أي وقت كان للتنازل عن حقوقها، ولا تعطي مالها من الحقوق في المنطقة الزرقاء لدولة أخرى إلا للدولة أو حلف الدول العربية دون أن توافق على ذلك سلفاً حكومة جلالة الملك التي تتعهد للحكومة الفرنسية بمثل هذا فيما يتعلق بالمنطقة الحمراء.
المادة العاشرة: تتفق الحكومتان الإنجليزية والفرنسية بصفتهما حاميتين للدولة العربية على أن لا تمتلكا ولا تسمحا لدولة ثالثة أن تمتلك أقطاراً في شبه جزيرة العرب، على أن هذا لا يمنع تصحيحاً في حدود عدن، قد يصبح ضرورياً لسبب عداء الترك الأخير.
المادة الحادية عشر: تستمر المفاوضات مع العرب باسم الحكومتين بالطرق المناسبة نفسها لتعيين حدود الدولة أو حلف الدولة العربية.
المادة الثانية عشرة: من المتفق عليه عدا ما ذكر أن تنظر الحكومتان في الوسائل اللازمة لمراقبة جلب السلاح إلى البلاد العربية.
الحلقة القادمة ستكون تحليلا لبنود المعاهدة والاهداف التي سعت الدول الامبريالية لتحقيقها من خلال هذه المعاهدة.
(يتبع)