الفرح في جنون حنين حنان – اسكندر عمل
- by منصة الراي
- September 14, 2017
- 0
- 1583  Views
- 0 Shares
قبل أن أبدأ كلمتي في هذه النّدوة الأدبيّة المخصّصة للديوان الأول للشّاعرة حنان جريس خوري “حين يُجنُّ الحنين”، أودّ أن أشير إلى أنّ وصالي الأول مع بدايات حنان الشّعريّة كان في جريدة الشّعب “الاتّحاد” في بداية التّسعينيات من القرن الماضي، وكنت محرّرًا لصفحتي الطّالب و “قوس قُزح”، وكانت تأتي إلى مكاتب التّحرير في شارع الحريري، حيث كنّا نناقش محاولاتها الشّعريّة، ثمّ كنت أنشرها في صفحة قوس قُزح.
هنا لا بدّ من التّأكيد على حقيقة وهي أنّ التّوقف عن الحديث عن دور “الاتّحاد” كمدرسة تخرّج منها الشعراء والأدباء من الرّعيل الأول بعد النّكبة فقط كتوفيق زيّاد وسميح القاسم ومحمود درويش وسميح صبّاغ واميل حبيبي ومحمد علي طه وفتحي فوراني وحنّا أبو حنّا وغيرهم من المبدعين الّذين نفخر بهم، هو ظلم للاتّحاد ولعشرات الكتّاب والشّعراء الّذين بدأوا مسيراتهم الابداعيّة على صفحاتها بعد هؤلاء الأدباء الأفذاذ، ولاقوا كل دعم وتشجيع من محرّريها. حنان واحدة من كثيرات وكثيرين بدأوا في صفحة الطّالب وهم في الصّفوف الابتدائيّة، أو في قوس قزح في الصّفوف الثّانويّة، ثمّ أكملوا الطّريق في الصّفحات الأدبيّة الأخرى في “الاتّحاد”، كميسون أسدي ورجاء بكريّة وصفاء نعامنة ودريد زرقاوي ود. جريس خوري وآخرين كثيرين واكبت انتاجهم الأدبي وهم في أول الطّريق.
قرأت الدّيوان وشدّني الفرح الّذي فيه، في الكلمات والعبارات والمعاني والصّور الشّعريّة والموسيقى فقرّرت أن أتتبّع هذا الفرح بكل أشكاله.
الفرح أصبح عملة نادرة في هذا الزّمن وفي هذه الظّروف الّتي نعيشها ونعايشها.فلا يمرّ يوم الّا ويتناقص الرّفاه في “دولة الرّفاه”، فمن أين سيأتي الفرح والغلاء يستفحش والبطالة تتفاقم والحرب سيف مُصْلت على رقاب العباد.
لكن رغم كل ما ذكرت أبت حنان إلّا أن تكون فرحة تارة أوهازمة للحزن حينًا أو متمرّدة على مسبّبات الألم والمعاناة دومًا.فالحبّ فرح والنّغم العذب والأغنية والمنى والبشائر والدّمعة، آخر دمعة فرح.
من تاريخ منهار ومن بردٍ وليل صواعقَ ارتقت وحلمت وأصرّت أن تكبر وتكبر ” حتّى يموج الفرح ويترقرق”. رغم الجراح والضّياع والإعصار غنّت للشّمس للحرّيّة، والحبّ تدفّقَ من شعرها وقلبها أَنهارَ أمنيات.
الأمل بالفرح عند حنان لا يقاوَم فهو لا بدّ قادم وستدخله من بوابة القمر رغم غدر الحبيب والزّمان والسّفر، تخاف أن يحرقها فرح الكلمات الّذي غرقت به وتلاطمت أمواجه، لكنّها تستدرك وتتحدّى” لا …. تقهرني قيود ولا تحجبني عن المحال دمعة فخطوي نار نار وَورود ومن دمعيَ تولد شموس وآفاق ووعود”.
حتّى بعد الطّوفان، وكم من طوفان يغمر حياتنا،أتت غصنًا أخضر يبشّر بنهار جديد وفجر جديد وفرحٍ فرحٍ أكيد” سأقطف نهارًا من القلب المجرّح وأحرق ليلًا بفجرٍ يتفتّح ويأكل العناصر والأشياء سأفرح أنا سأفرح.”
لا تنسى حنان وطنها وإن نسيته الأحلام، فهي تبشّره بحياة عذبة وفجر منبلج وألحان خضراء
” إليك الحياة فلتفرح ولتفرح يا وطن الأحلام المنسيّة”.
في قصيدة “حرّة أنا” لا تذكر لفظ الفرح ولكنّ الفرح يحلّق في أجواء القصيدة وتبدو حنان فراشة أو نحلة أوبلبلًا مغرّدًا يأبى القيود.
حنان تحلم بغدٍ يزرع في دربها فرح الحياة وحتّى في ليلها تغزو النّجوم لتصل إلى الفرح، وهو قادم لا محالة.
الصّور الشّعريّة والأبيات تقفز فرحة سلسة عذبة، ينساب القارئ، السّامع، معها، لا يعتريه ملل ولا يشعر بثقل.
أرقص ملء الدّهر
أغزل من رقّة ليل
أجمل عمر
لي عمر من وردٍ
لي دهر من شهدٍ
لي صوت
وصدى
لي سِفرٌ
وسحرٌ
وبريقْ
صديقي
أمسح ليلك بالوعد
وأملأ ثغرك بالورد
يا شعرُ
خُذني اليكَ
حيث تمرُّ عيوني
حين هدوئي….. وجنوني
خُذني اليكَ
حيثُ لا زمنَ
لا وطنَ
سوى عينيكَ
ويكون عزفٌ ويكونْ
عزفٌ دافيءٌ…حنون
يملؤني رقصًا
رقصًا
رقصًا وجنونْ.
حرّة أنا قالت في إحدى القصائد، فجابت الطّبيعة والحلم والحبّ وتحرّرت من قيود الوزن حينًا ومن الحرف والقافية أحيانًا، وصاغت من الكلمات لآلئ ورسمت لوحات شعريّة خاطبت الرّوح والفكر والعاطفة، فاهنئي يا حنان بهذه البواكير، ونحن بانتظار حصادٍ خيّر قريب.
(الكلمة الّتي أُلقيت في نادي حيفا الثّقافي احتفاء بصدور ديوان” حين يُجنُّ الحنان” للشّاعرة حنان جريس خوري)