ميلادك عبد الناصر.. ميلاد أمة ومستقبل واعد – زياد شليوط
- by منصة الراي
- January 14, 2018
- 0
- 766  Views
- 0 Shares
سواء كان ميلاد الزعيم جمال عبد الناصر في 15 يناير 1918، حيث رزقت أسرة عبد الناصر بصبي اسمته جمال، كما ذكر المؤرخ الروسي اجاريشيف في كتابه ” جمال عبد الناصر” ( ص 5). أو في 16 كانون الثاني 1918، حيث رزق عبد الناصر حسين ولده جمال، بناء على ما أورده الصحفي الفرنسي لاكوتير في كتابه ” عبد الناصر” (ص23). يبقى تاريخ ١٥ يناير ١٩١٨ هو التاريخ المعتمد والذي أكدته كريمة عبد الناصر، الدكتورة هدى التي تقول أن والدها ولد في ١٨ شارع قنوات في حي باكوس الشعبي بالإسكندرية .
قبل أشهر قليلة، سادت حالة من الركود والهدوء القاتل أوحت أن يوم 15 يناير 2018 سيمر كما يمر أي يوم عادي، وجال سؤال في سمائنا ألن ينتبه أحد الى هذا اليوم وما يمثله في تاريخنا وحياتنا، ألن يذكر أحد أن مفجر الثورات العربية على أنظمة الفساد الاجتماعي والرجعية السياسية والتخلف الثقافي، في النصف الثاني من القرن العشرين، ولد في هذا اليوم؟ ألن يلتفت أحد الى يوم ميلاد الرئيس والقائد والزعيم الذي ملأ الدنيا وأشغل الناس على مدار عقدين من الزمان في حياته، وبقي بعد مماته الجسدي حتى اليوم؟
واليوم وقد حلّ يوم الخامس عشر من يناير، اذ بنا نحتفل بالمئوية الأولى لميلاد قائدنا وحبيبنا جمال عبد الناصر. ونرى الدنيا تعج بالحركة والأرض تموج بالفعاليات والنشاطات، والناس مشغولة بالمولود بعد مائة عام من جديد وتتناقل خبر ولادته. ها هي القاهرة وسائر مدن وبقاع الأرض المصرية تشهد احتفالات ولقاءات وأمسيات بالمولود عبد الناصر، لم تشهدها من قبل. في منزله الذي عاش فيه ومات فيه حيث متحف عبد الناصر، يشهد فعاليات طوال اليوم، وعند ضريحه الذي استقر فيه ورقد رقدته الأبدية، تأتي الوفود والناس جماعات وأفرادا لتجدد القسم والعهد. وفي دار الأوبرا يستعد الفنانون الجدد من جيل الشباب ممن لم يعاصروا عبد الناصر في حياته، ليستعيدوا أغاني من عاصره من فنانين ومطربين وملحنين وشعراء، تلك الأغاني الخالدة التي ما زالت تصدح في فضائنا وقد ظنوا أن الناس ستهملها وتنساها بعد رحيل الزعيم، لكنها تعود وتتجدد مع تجدد مياه النيل، تعود الينا أغاني أم كلثوم وعبد الحليم وعبد الوهاب وفريد الأطرش ونجاة وشادية وفايزة وفادية وغيرهم.
وفي دار الكتب المصرية تقام الندوات والمناظرات حول كتابات عبد الناصر وما كتب فيه وعنه على مدار الأعوام. وتدور النقاشات في دار أخبار الأدب ويتفق المؤرخون المعاصرون وبشكل حازم وواضح، على أن عبد الناصر لم يكن ديكتاتورا كما روج بعض المغرضين والحاقدين والمعادين. وتشهد قصور الثقافة عدد كبير من الفعاليات على مدار العام الحالي في مختلف المحاافظات. أما معرض القاهرة الدولي للكتاب لهذا العام، سيشهد الأمسيات الثقافية والقراءات الشعرية والعروض الفنية، التي تتناول حياة وسيرة وثورة الزعيم على مدار أيامه. وتصدر من جديد عن “كتاب اليوم” الرواية التي كتبها جمال عبد الناصر في مطلع شبابه ولم يكملها وأسماها ” في سبيل الحرية”، تلك الحرية التي سعى اليها وحققها.
وتعيدنا الاذاعة المصرية وصوت العرب الى أيام العز والمجد من خلال البرامج والأغاني على مدار يوم ميلاده. والصحف تحتفل بدورها وتشارك بالمناسبة فهذه أعرق الصحف المصرية والتي أشرف على تحريرها صديق ورفيق عبد الناصر، الصحفي العريق محمد حسنين هيكل صحيفة ” الأهرام” تصدر ملحقا خاصا، وصحيفة ” أخبار الأدب” الأدبية تصدر عددا خاصا تحت عنوان ذات مغزى ورسالة ” ناصر انتهى عمره.. واستمر مجده”. والمجلة الثقافية العريقة ” الهلال” التي أسسها الكاتب اللبناني العربي جورجي زيدان، تحتفي بدورها بميلاد الزعيم باصدار عدد خاص بالمناسبة، ولم تتأخر مجلة ” آخر ساعة” عن اصدار عدد خاص يحمل غلافه صورة للزعيم وفي الخلفية الجماهير التي التفت حوله.
وفي فلسطين التي كانت الوقود لثورة 23 يوليو، والتي شكلت هاجس عبد الناصر الأبدي، يلتقي محبو عبد الناصر في مدينة الناصرة التي تجترح حروفها حروف اسم ناصر، لتقدم وقفة وفاء لمن حمل همها وناصرها وقدم حياته فداء لقاء حماية أبنائها من الفناء.
وفي لبنان وتونس والكويت والعراق تتوالى الاحتفالات، حتى اليمن الجريح يجد لحظات ليفرح بميلاد قائد العروبة، الذي ناصر ثورته في الستينات في وجه التخلف والعدوان الخارجي. ولا شك أن عددا من الفضائيات ستساهم في احياء هذه المناسبة، وفي مقدمتها فضائية ” الميادين” التي عادت مع أسبوع ميلاده لتبث البرنامج الوثائقي من سبع حلقات حول الزعيم جمال عبد الناصر، والذي سبق وعرضته خلال العام الماضي بعنوان ” جمال عبد الناصر ـ زيارة جديدة”. ولا تقتصر الاحتفالات على العرب لوحدهم فهذه روسيا العظيمة تحتفل بمئوية الزعيم العربي الكبير، تقديرا منها لدوره وتاريخه وسياسته حيث ربطته علاقة خاصة مع الاتحاد السوفييتي وفي مقدمته جمهورية روسيا الاتحادية، وهو الزعيم الذي تحدى الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة، وتحالف مع المعسكر الاشتراكي وكسر احتكار السلاح، فتقيم روسيا ثلاث احتفالات رئيسية في مدينة بطرسبورج والعاصمة موسكو ومدينة قازان، التي ستنصب فيها تماثيل لعبد الناصر، الأمر الذي لم تقدم عليه العديد من الدول العربية والتي لعبد الناصر فضل عليها.
في عيد عبد الناصر المائة، يولد الأمل من جديد. في المئوية الأولى لميلاده، تعود بشائر ولادة القومية من جديد، بعدما نعاها البعض حقدا وعداء، حيث فشلت البدائل الأخرى. في مئوية جمال عبد الناصر، نستعيد الماضي المجيد، لنرسم خطى نحو مستقبل واعد.
( شفاعمرو/ الجليل)