.وَالزَّيْتُون – د. خالد تركي
- by منصة الراي
- December 7, 2018
- 0
- 881  Views
- 0 Shares
إجتثَّ المستوطنون بين ليلة وضحاها، ألفًا وأربعمائة وخمسًا وعشرين شجرة زيتون، من قريتَي ترمسعيَّا وسنجل، قضاء رام الله، وقبل اسبوع، ايضًا، اقتلعوا وسرقوا ألف شجرة من المكان نفسه، فكانت جريمة والشَّمس في كبد السَّماء، وجُرمًا تحت القبَّة الزَّرقاء، وإثمًا في ظِلِّ أجنحة العساكر وبحمايتهم، جناية ضدَّ السُّكَّان الآمنين، في قطع مصدر رزقهم الوحيد الذي بقي، بعد أن فرضت قوَّات الاحتلال الحصار الخانق حول أعناقهم، من خلال جدار الفصل والعزل العُنصريِّ عن العالَم الخارجيِّ، ليُصبحوا في چيتو كبير، عمل مشترك بتنسيق عالٍ بين قوَّات الاحتلال والمستوطنين..
آه يا أمِّي! لو كنتِ على قيد الحياة، لقُلتِ لهم في غَصَّةٍ وتنهُّدٍ، مقولة أضعف الإيمان “الله يقَلِّعلْهن عيونهن، إن شاء الله، مثل ما قلعوا هالشَّجر وشتَّتوا وقتلوا هالنَّاس، مش حرام عليهن..” إن همُ عرِفوا الحرام يا أمَّاه، فهؤلاء المستوطنون، بتغطية الجيش، لا دين لهم ولا رادع ولا أخلاق.
يقتلعون البشر والحجر والشَّجر، يحتلُّون البلاد ويقتُلون العباد ويهدمون البيوت فوق رؤوس أصحابها، ويقطعون ارزاق شعبنا الرَّازح تحت احتلالهم، الذي يحمي أعمال مستوطنيه العدائيَّة ونشاطهم العنصريِّ وتصرُّفاتهم الرَّعناء، يقطعون الأرزاق ويجزُّون الأعناق، فما كانوا ليجرؤا على فعلتهم المشينة، لولا الحماية التَّامَّة، السُّلطويَّة والعسكريَّة والإرهابيَّة ، ينحرون الرِّقاب دون عِقاب..
لقد استهدف الظَّلاميُّون شجر الزَّيتون، الذي ينبتُ كثيرًا في بيت المقْدِسِ، فهو شعار وجودنا وصمودنا فوق أرضنا، وهم على يقينٍ بقدسيَّة هذه الشَّجرة، ﴿شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ﴾، إنَّها مقدَّسةٌ لدرجة أنَّ الله أقسَم بمنابت الزَّيتون، لبركةِ تلك الشَّجرةِ وعظمةِ منفعتِها وفائدتِها، بقوله تعالى ﴿وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ﴾، فزَيتُها كما جاء في الحديث الشَّريف “من شجرةٍ مباركةٍ”!
يريدون قتل وترحيل الشَّعب من أرضه، وهنا بيت القصيد!
إنَّ حِصارَ المستوطنين وأذيالهم وأذنابهم محاصرٌ بصمود شعبنا العالِمِ بأبْعاد المؤامرة وماذا يخبِّئ له الدَّهر، لأنَّه تعلَّمَها على جِلْده بجَلَدِه ومثابرتهِ، فإن لم يعِ هذه المرحلة ولم يعرف عدوَّه كما يعرف كفَّة يده، فكيف له النَّصر! إن كان العدوُّ الذي في داخله ومن أبناء جِلدته أم العدوُّ الآخر في خارجه، وقد أصبح يعرف كيف تؤكل الكتف، لأنَّه لَم يبقَ لديه شيءٌ يخاف عليه، كما قال الشَّاعر محمود درويش: “لا الماءُ عندَك، لا الدَّواءُ ولا السَّماءُ ولا الدِّماءُ ولا الشِّراعُ ولا الأمامُ ولا الوراءُ، حاصِر حصارَك..لا مفرُّ“..
يريدون بثَّ الرُّعبِ والخوفِ والجوعِ والعوزِ لبعثِ اليأس في نفوس أبناء شعبنا، لكنَّ الجواب هيهاتَ، فيا شعبي “صبرًا على النُّوب” لأنَّ “الشَّجاعة صبرُ ساعةٍ” ويكون النَّصرُ صبرَ ساعةٍ لهذا..﴿..البَلَدِ الأَمِين﴾.
حدث هذا قبل اربعة اعوام وما زال المستوطنون جاثمين عل صدور أهل البلد الأصليين والفرق انَّهم حازوا على شرعيَّة دوليَّة أكثر بتغطية رجعيَّة عربيَّة نظام عائلة سعود والبحرين وقطر وسلطنة عُمان..
الاعتماد على الذَّات وبعدها على الاصدقاء الحقيقيِّين..