الرفيق موسى ناصيف، نتمنى لك في عيد ميلادك التّسعين دوام الصّحة والعطاء – بقلم اسكندر عمل
- by منصة الراي
- December 29, 2018
- 0
- 1441  Views
- 0 Shares
الشّيوعي الحقيقي هو الّذي يستمر في النّضال دون كلل أو ملل لتغيير الواقع المأساوي للطّبقات المسحوقة المستغَلَة حتّى لو كانت المواجهة طويلة وقاسية، وهو يرفض أن يهادن أو يتلوّن كي يكون مقبولًا ومحبوبًا لدى الغريم الطّبقي أو القومي، فالشّيوعي يغيّر المجتمع ولا يجاريه وموسى ناصيف كان هذا الشّيوعي وبامتياز.
شيوعي بامتياز من لم يبدّل موقفه السّياسي الواضح، الّذي لا تأتأة فيه ولا تردّد. من لم يغره شيء ولم يخفه شيء ولم يحرفه عن خطّه شيء. من لم يسأم كابن الثّمانين وهو الّذي يحتفل ونحتفل معه في عيده التّسعين، لم يسأم من النّضال الحقيقي المثابر. لم يأبه بقول الشّاعر “سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ثمانين حولًا، لا أبا لك، يسأم”، واستمر ولا يزال يناضل من أجل شعبنا العربي الفلسطيني، يناضل بموقفه المؤيّد للمقاومة السورية ضد المؤامرة الكونيّة الّتي استهدفت الخط الممانع المواجه للإمبرياليّة الأمريكيّة الأوربيّة والرّجعيّة العربيّة والصّهيونيّة. موقفه المجاهر الدّاعم للقوى التّقدّميّة الّتي نجحت في الوصول إلى السّلطة في امريكا الّلاتينيّة وإدانته لكل محاولات الإمبرياليّة الأمريكيّة التّآمر على هذه الأنظمة التّقدّميّة.
الشّيوعي الحقيقي هو الّذي يستمر في النّضال دون كلل أو ملل لتغيير الواقع المأساوي للطّبقات المسحوقة المستغَلَة حتّى لو كانت المواجهة طويلة وقاسية، وهو يرفض أن يهادن أو يتلوّن كي يكون مقبولًا ومحبوبًا لدى الغريم الطّبقي أو القومي، فالشّيوعي يغيّر المجتمع ولا يجاريه وموسى ناصيف كان هذا الشّيوعي وبامتياز.
الموقف من الرّأسمالية هو جزء هام في حياة أبو سامي ناصيف، فهو يرى في العولمة عبوديّة جديدة واستمرارًا شرسًا للرّأسماليّة العفنة. الجوع والفقر والاستغلال والتّعصب الدّيني والتّفرقة الطّائفيّة والحروب الّتي لا تنتهي والاحتلال واغتصاب أراضي الغير وغير ذلك مما تعانيه الشّعوب هو نتيجة العولمة الّتي يدّعي اصحابها الدّمقراطيّة، ويدعو رفيقنا فقراء العالم وعمّاله أن يتّحدوا لأنّ الهجمة أضحت في عهد العولمة المقيت أشرس على نقاباتهم وتنظيماتهم وانجازاتهم وحقوقهم.
ابو سامي، موسى ناصيف مناضل عريق، منذ النّكبة وفي “القصر الشّتوي” أو ” الكومونة” التقى برفاقه المشرّدين ومسرّحي المعتقلات سابقًا، والقصر الشّتوي هو برّاكيّة كانت تستعمل كمخزن لمحرّك ماء في منتصف كرم زيتون في اواسط شارع “اللنبي” في حيفا، وتحوّلت هذه البرّاكيّة أو القصر إلى مقر نضالي وملتقى أدبي.
ومن رواد القصر كما يروي رفيقنا ابو سامي: طيّبو الذّكر الشّاعر عصام العبّاسي وأسعد مكّي وشفيق طوبي ومحمد الشّريدي والياس جمّال وعلي الخمرة وديب عابدي وداود تركي وعلي عاشور وجبرا نقولا، ومن الرّوّاد الّذين نتمنى لهم طول العمر حنّا أبو حنّا وعودة الأشهب وعبّاس زين الدّين.
كانت الكومونة كما يصفها رفيقنا خليّة نحل دائمة النّشاط، ووقعت على عاتق رفاقها أكثريّة النّشاطات الجماهيريّة مثل المظاهرات والاعتصامات والاحتجاجات وتوزيع المنشورات وايصال الاتّحاد لكل بيت تقريبًا. ولم يتوقّف نشاط رفيقنا ابو سامي يومًا، فهناك أحياء ترى فيه العنوان لكل طلباتها البلديّة أو النّقابيّة كحي الكبابير الحيفاوي العريق.
يمكن تقسيم المقالات في كتاب “ثائر عربي أممي” الى ثلاثة مواضيع اساسيّة:
المقالات الفكريّة ( الفكر الماركسي، العولمة، القوميّة).
الموقف من العدوان على سورية.
الموقف من حركات التّحرّر خاصّة امريكا اللاتينيّة.
يركز الكاتب في مقال الويل ثمّ الويل على الوثائق السّرّيّة الّتي نشرها موقع “ويكيليكس”، والّتي كشفت أمرًا لم يكن واضحًا لكل اولئك المغترّين بالنّظام الرّأسمالي الأمريكي، وهو أنّ هذا النّظام المدّعي للدّيمقراطيّة، ماهو إلّا نظام مجرم همجي، ضد حركات التّحرّر، وأكّدت هذه الوثائق تورط الولايات المتّحدة بقتل مواطنين عزّل على الحواجز واطلاق الصّواريخ والرّصاص على الأبرياء والتّستّر على التّعذيب والاغتصاب من قبل الجنود الأمريكيّين. وفي مقالة “لا يوجد حد لجشع وجنون الأثرياء النّهّابين الجدد في نظام العولمة الرّأسماليّة الجديد”، يعرض مشكلة الثّراء الفاحش الذي وصل آليه لصوص ومحتالون بعد انهيار الاتّحاد السّوفييتي، ويناقش قضيّة هامّة بارزة في الأنظمة الرّأسماليّة الدمقراطيّة وهي قضيّة “المال والحكم”.
موضوع العولمة يحتل حيّزًا كبيرًا في مقالات الكتاب منها “عبوديّة جديدة في عهد العولمة الرّأسماليّة” و”مظاهرة الجياع في لبنان” و الفكر الماركسي هو البديل الوحيد لمحاربة العولمة الرّأسماليّة” و “المظاهرة الجبّارة ضد العولمة في فلورنسا، لا وألف لا للعولمة، نعم وألف نعم للأمميّة”، و “العبرة من انتفاضتي لندن وسياتل”، و”أوّل أيّار والعلم الأحمر ضرورة ملحّة في عصر العولمة”، و”الثّراء الفاحش والتكّبّر والتّجبّر والبطر…”، و”العولمة… التّطرّف القومي ودور حركات اليسار”.
الموقف من العدوان على سوريا: يبدأ ابو سامي مقالته” ارفعوا أيديكم عن سوريّا” بحث “يساريّي العرب” الاقتداء بيساريّي امريكا اللاتينيّة، زعماء الأنظمة اليساريّة في أمريكا اللاتينيّة في تأييدهم لسوريا في الإرهابيّين والمخرّبين المدعومين من دول حلف الأطلسي وعلى رأسهم الولايات المتّحدة وتركيا. ويهاجم المؤلّف من يدّعون اليساريّة في العالم العربي ويؤيّدون العدوان على سوريا بأنّهم قصيرو النّظر، وأنّهم نسوا بن لادن والحركات الإسلاميّة والسّلفيّة والجهاديّة التي جنّدتها الولايات المتّحدة في حربها ضد الاتّحاد السّوفييتي في أفغانستان،ويتساءل هل كان بن لادن وأعوانه من الملائكة عندما كانوا مجنّدين لمصلحة امريكا ضد الاتّحاد السّوفييتي والآن أصبحوا شياطين ومطاردين من قبل الّذين جنّدوهم آنذاك بعد انهيار النّظام الاشتراكي؟
ويرسل ابو سامي تحيّة إكبار وإجلال لسوريا الصّمود في مقالة أخرى ويرى في الدّور التّركي الرّسمي ألد أعداء الحركات القوميّة العربيّة، ويرى في أعداء سوريا تجّارًا للأوطان وللأديان ويهيب بكل انسان شريف في العالم مقاومة الأعمال الارهابيّة المشينة الّتي يعاني منها الشّعب السّوري.
أمّا المقالات الّتي تصف التّجارب الثّوريّة والأنظمة التّقدميّة في أمريكا الجنوبيّة فهي هامّة لأنها تبرز الموقف الثّوري للكاتب، الموقف المؤيّد لكلّ ما هو ثوريّ وتقدمي حقيقي. ففي مقاله” تحيّة حمراء إلى الثائر الحافي مطران الفقراء في بارغواي”، يكتب عن دور هذا المطران في دق المسامير الأخيرة في نعش العولمة الرّأسماليّة الأمريكيّة والعالميّة والقضاء على الحكم المطلق والدّكتاتوريّة العسكريّة الذي دام أكثر من ستّين عامًا. وفي مقاله “رياح تّغيير سياسي تهب على امريكا الجنوبيّة، تحتّم علينا الاقتداء بها والاستفادة منها”، يتحدّث عن امريكا اللاتينيّة التي انتفضت ضد سيطرة الرّأسماليّة الامريكيّة الشّماليّة وأعوانها في الدّاخل من اقطاعيّين وأثرياء، ويحث شعوبنا العربيّة على الاقتداء بها، ويدعو الواعين من أبناء شعبنا من اشتراكيّين مخلصين وشيوعيّين وأمميّين وقوميّين حقيقيّين أن يوحّدوا صفوفهم في برنامج وطني مشترك لمصلحة شعبنا.
في الكتاب مقالة مهمّة تعظّم احدى الشخصيات الثّوريّة في امريكا اللاتينيّة بعنوان “نحن بحاجة إلى “كوابيس” من طراز ايفو موراليس الهندي البوليفي”. وهناك تطرّق في كثير من المقالات في الكتاب لأهميّة هذه البطولات الثّورية وأهميّة الاقتداء بها. هناك مقالات لا تنضوي تحت الاقسام الّتي وضعتها خلال مداخلتي وتطرّق الكاتب فيها إلى مناسبات هامّة وشخصيّات كمقالته عن المناضل داود تركي ومقالات عن صحيفة الاتّحاد والحزب الشّيوعي، وعدد من المقالات الّتي تهاجم الصّهيونيّة.
الكتاب يعتبر مرجعًا هامًّا للكثير من المواضيع الّتي لا نجد لها علاجًا حقيقيًّا جريئًا، واعتقد أنّه يثري قارئه ويغذّي ثقافته. ألف مبروك لرفيقنا الغالي موسى ناصيف على مؤلَّفه القيِّم، واتمنى لك في عيد ميلادك التّسعين دوام الصّحة والعطاء ومزيدًا من النّضال المثمر البنّاء.