09/04/1948 مذبحة دير ياسين (كي لا ننسى، وليد الخالدي ص 622)

كانت دير ياسين مسرحا لأشهر مجازر الحرب وأشدها دموية. وعلى الرغم من

 أن المجزرة نفذتها عصابتاالإرگون وشتيرن، فإن احتلال القرية يدخل ضمن الإطار العام لعملية نحشون التي خططت الهااناه لها. وقد اشتركت في الهجوم آنذاك وحدة من البلماح مزودة بمدافع هاون، وذلك بعد أن تمكن سكان القرية بشق النفس من احتواء الهجوم المباغت الذي شنته العصابتان المذكورتان. ويذكر كتاب( تاريخ الهاغاناه) أن قائد الهاغاناه في القدس، دافيد شلتيئيل، اطلع على مخطط الإرگون وشتيرن للهجوم دير ياسين وبلغ قائدي هاتين الجماعتين أن احتلال القرية والاحتفاظ بها جزء من خطة الهاغاناه العامة لعملية نحشون، مع العلم أن دير ياسين كانت وقعت مع الهاگاناه اتفاق عدم اعتداء. وأضاف أنه لا يمانع في أن تضطلع الجماعتان بالعملية شرط أن تكونا قادرتين على الاحتفاظ بالقرية. وحذرهما في حال عجزهما عن ذلك، من تدمير القرية جزئيا، إذا إن من شأن ذلك أن يشجع (العدو) على تحويلهما إلى قاعدة عسكرية. وقد أقر شلتيئيل لاحقا بأنه زود الوحدات المهاجمة بناء طلبها في إبان الهجوم ذخائر للبنادق ولرشاشات ستن كما قدم لها التغطية من مدفعية الهاون. في تلك الآونة كتب مراسل صحيفة نيويورك تايمز يقول: (دعم عشرون رجلا من ميلشيا الهاگاناه التابعة للوكالة اليهودية خمسة وخمسين رجلا من الإرغون، وخمسة وأربعين رجلا من شتيرن، استولوا على القرية). وتفيد تقارير الهاغاناه أنه عند بزوغ فجر 9 أبريل 1948، شن مئة وعشرون رجلا (ثمانون من الإرگون، وأربعون من شتيرن) هجوما على القرية. واستنادا إلى هذه الرواية قتل أربعة من المهاجمين. وجاء في (تاريخ الهاگاناه): (ونفذ المنشقون مذبحة في القرية من دون تمييز بين الرجال والنساء والأطفال والشيوخ. وأنهوا عملهم بأن حملوا قسما من الأسرى الذين وقعوا في أيديهم على سيارات وطافوا بهم في شوارع القدس في موكب نصر، وسط هتافات الجماهير اليهودية. وبعد ذلك أعيد هؤلاء الأسرى إلى القرية وقتلوا. ووصل عدد الضحايا من الرجال والنساء والأطفال إلى 245 شخصا). وأفاد تقرير لصحيفة نيويورك تايمز أن نصف الضحايا كان من النساء والأطفال، بينما أخذت 70 امرأة أخرى مع أطفالهن إلى خارج القرية، وسلمن لاحقا إلى الجيش البريطاني في القدس.

في إثر المجزرة، رافق رجال الإرگون وشتيرن جماعة من مراسلي الصحف الأميركين، بينهم مراسل لصحيفة نيويورك تايمز إلى أحد منازل مستعمرة غفعت شاؤول القريبة، وراح منفذ المجزرة يطنبون في تفصيل العملية، وهم يحتسون الشاي ويتناولون الكعك، قالوا أنهم قاموا بنسف عشرة منازل في القرية، وأن المغيرين فجروا أبواب بعض المنازل وألقوا قنابل يدوية داخل منازل أخرى. وأعلن ناطق باسمهم أن القرية صارت تحت اسم سيطرتهم خلال ساعتين، مضيفا أنه كان يتوقع أن تتسلم الهاگاناه القرية. ومما يناقض كلام هذا الناطق أنه، بعد خمس ساعات من بدء الهجوم، طلبت القوات التابعة للإرگون وشتيرن مساندة الهاگاناه. وكانت الهاگاناه احتلت دير ياسين غداة المجزرة، أي يوم 10 أبريل، لكن الصحيفة قالت لاحقا إنهم احتلوا القرية رسميا يوم 11 أبريل. وجاء في تصريح أذاعته الهاگاناه: (سنحافظ على القبور والممتلكات الباقية… وسنعيدها إلى أصحابها في الوقت الملائم.) وكان ورد في اليوم السابق على لسان أحد أعضاء الهيئة العربية العليا أنه ناشد الشرطة والجيش البريطانيين التوسط لإعادة جثث الضحايا ودفنها لكن من دون جدوى.

عقب ذلك قامت الهيئات الصهيونية الكبرى، كالهاگاناه والوكالة اليهودية ورئاسة الحاخامين، بإدانة الجزرة. وسرعان ما غدت دير ياسين مضرب مثل ونموذجا للفظا عات التي ارتكبت في سنة 1948. وأصبح تأثير المجزرة في هجرة الفلسطينيين، في تلك السنة، موضوع سجال كبير في الأوساط الإسرائيلية والفلسطينية.

Post Tags:

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*
*