طاحونة الرّاهب – فوزي حنا


تقع طاحونة الرّاهب، التي تظهر وكأنّها قلعة وسط منطقة طبيعيّة خضراء، على حافّة وادي المَلَك، (وهو اتّحاد وادي الخلّاديّة ووادي صفّورية)، بين قريتي الكعبيّة من الشّرق وراس علي من الغرب.
أقيمت هذه الطّاحونة في زمن الدولة العثمانية، في بداية القرن التاسع عشر، وكانت تمتلكها عائلة شوفاني الشّفاعمريّة، سنة 1821، وشاركها شريك تركي وتنظيم رهبنة الكرمليت، وفي منتصف القرن اشتراها الكرمليّون بالكامل لتصير ملكًا خالصًا لهم، رمّمها آنذاك الرّاهب جمبتستا وكان مهندسًا معماريًّا ووضع على مدخلها نقش شعار الرّهبنة، كما بنى قناتها من جديد والتي نقلت مياه راس النبع عن بُعد كيلومترين، وهذا البعد أدّى إلى أن فرق الارتفاع بين نهاية القناة ومجرى الوادي يكفي لبناء طابقين، وفي كل طابق جعلوا حجري رحى، مما جعل الطاحونة العظيمة كافية لتقدّم خدماتها لمنطقة كبيرة، وكان الرهبان يؤجّرونها بالمزاد كلّ عام لمن يدفع أكثر.
استمرّ هذا الوضع حتى العام 1930 حين بنيت في المنطقة طاحونتان تداران بمحرّك يعمل على الوقود السائل، واحدة في شفاعمرو والأخرى في إبطن القريبتين، وكان عمل الطاحونتين الحديثتين أسرع وأنجع، مما أدّى إلى إغلاق طاحونة الرّاهب.
وبعد حين استعملها فلاحو المنطقة لتربية الحيوانات، ثم تمّ استئجارها وتنظيفها سنة 2000 لتصير فندقًا، وكان من المتوقّع أن تشهد تلك السنة انطلاقة سياحية غير مسبوقة بسبب زيارة البابا، لكن انتفاضة أكتوبر بخّرت هذا الحلم.
وفي العام 2011 استأجرت المبنى،ب لمدّة عشرين سنة، سلطة ترميم نهر المقطّع المعروف بشدّة تلوّثه نتيجة للمصانع الملوِّثة في منطقة خليج عكا، ومعروف أنّ وادي الملَك يصبّ في المقطَّع.

Post Tags:

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*
*