هل مللتُ البحر ؟ – إسكندر عمل
- by منصة الراي
- June 18, 2020
- 0
- 638  Views
- 0 Shares
هل مللتُ البحر؟
إسكندر عمل
جميل البحر الذي أمتِّع به كل يوم ناظري وأنا جالس على أريكة وضعتها مقابل المتوسط كي أتمتع بجماله الخلّاب.
◦ يقولون لي ألم تملّ البحر فهو في نهاية المطاف ماء تراه كل يوم كباقي الأشياء ثمًّ يصبح روتيناً. وأنا أقول لكل هؤلاء البحر يتغيّر كل دقيقة، لونه يكون ازرق فاتحاً وعندها يبعث الهدوء في النفس ولكنّه سرعان ما يصبح غامقاً أو أسود فأذكرأنّ المتعة التي أتمنى دوامها تزول كلمح البرق وأشعر عندها بغضب يعتريني فطبقة الفقراء والمعوزين ، جذوري، لا ترى من الحياة إلّا قسوتها وسوادها كما البحر، أرى هدوء البحر وسكينته وأرى أمواجه الغاضبة المتلاطمة فأعجب لهذه التناقضات، لكني بعد حين أجد أنّنا نحن البشر كالبحر تماماً نهدأ حيناً ونثور أحياناً، ومن يتهم البحر بالغدر فغدرنا ببعضنا أقصى وأصعب ، نحزن على فقيد غرق وننسى أننا أغرقناه في متاهات لا يستطيع الخلاص منها إلّا بال …….، من كان منّا بلا خطيئة فليرمِِ البحر بحجر!!!
البحر متعة لمن يعرف العوم والسباحة وبحر حيفا كان مرتعاً لشباب حيفا الذين أحبًّوا البحر وأمواجه وأسماكه ولم يتوقفوا عن غزو البحر حتى في غضبه وسخطه.
◦ جمال بحر حيفا كما يصفه برهوم الحيفاوي العريق ،شاطئ أبو نصّور، شاطئ بنت الأمواج كان في الانتداب جميلاً رغم قبح الانتداب وظلمه وتعسفه وانتهى الانتداب ولم ينج البحر من صاعقة التطور فاغتصبت سواحله واعتلت البنايات الشاهقة رماله التي قاومت لكن دون جدوى.
صور جميلة أراها عندما تبدأ الشمس بالغروب ، اللون الأحمر القاني الذي تصطبغ به مياه البحر عندما تغتسل الشمس به في الأفق البعيد، إنه منظر يبعث في النفس مشاعر مختلطة ، الفرح والحزن ، اليأس والأمل ، الخلق والتجدد ولا يتكرر هذا المنظر بتفاصيله كل يوم فهو مختلف دائماً وهو مفاجيء دوماً وإن بدا لغيري واضحاً بسيطاً.
أعدّالسفن الجاثمة على سطح بحر حيفا خارج الميناء وداخله ، فهي كثيرة أحياناً وقليلة أخرى، وفي الشاطئ البعيد أرى مدينة كانت مرتع طفولتي، أرى عكا مدينة الفخر والإباء وفي يوم صافٍ أرى رأس الناقورة وهونهاية اليابسة داخل المياه.
البحر لوحة فنيّة رائعة الجمال هادئةحيناً مائجة أحياناً أجمل رقعة على الأرض وتحت السماء فما أسعد من يحب البحر ويعشقه.