وما زلنا نقاوم
- by منصة الراي
- September 15, 2020
- 0
- 860  Views
- 0 Shares
في التّاسع والعشرين من تشرين الأوّل العام 1956 بدأ العدوان الإسرائيلي على مصر وتلاه في اليوم التّالي عدوان بريطانيا وفرنسا.
وقد بدأ الهجوم بعد ظهر ذلك اليوم، وكانت قوات الجيش الاسرائيلي قد فرضت منع التجول على قرية كفرقاسم بعد أن كان السكان قد غادروا الى اعمالهم، ولم يدر أهل كفرقاسم الذين كانوا خارجها او في حقوقها بالامر. وعندما عادوا الى القرية استقبلهم الجيش الاسرائيلي برشاشاته وتحولت كفرقاسم الى بركة من الدماء، لقد نفذوا فيها مجزرة بلغ عدد ضحاياها ثمانية وأربعين من رجال ونساء وأطفال. وقد ذكر شعراؤنا هذه المجزرة في اشعارهم بالم ومرارة، لكن بروح لا تقبل الهزيمة فمثلاً الشاعر سميح القاسم يقول :
سيدي!
يا واهب النار لقلب وجديلة
سيدي!
يا ساكب الزيت
على موقد أحزاني الطويلة
سيدي!
دعني أهنئك على يوم البطولة
عش لعدل لا يضاهى
أيها القيصر عش
ثمن الخمسين.. قرش؟
أنت يا مولاي رحمن رحيم
والذي يغضب من عدلك يا مولاي
شيطان رجيم
والذين يحزن مخدوع.. ومن
ينزف الأدمع
موتور لئيم..
سيدي يا قيصر العصر الجليل
كل ما قلناه يا هذا قليل
والذي في القلب.. في القلب
ومن جيل لجيل
وإلى أن يبعث النهر
وتشدو في أغانيّ الحمائم
أملأ الدنيا هتافا لا يساوم:
كفر قاسم
كفر قاسم
كفر قاسم
دمك المهدور ما زال
وما زلنا نقاوم!
يوجه الشاعر سميح القاسم كلامه الى حكام اسرائيل المسؤولين عن المجزرة بلغة مليئة بالهزء النابع من قلب مكلوم دام، ويقول هازئاً يا “واهب” لكن أي هبة، احراق لقلوب بشرية وجدائل “فتيات عربية”، انّك بهذا تسكب على موقد احزاني، احزان النكبة والتشرد التي رافقتني سنوات طويلة، تسكب عليها زيتاً فتزداد استعالاً.
يستمر الشاعر في مخاطبته للقتلة آخذاً صوراً لطغاة قبلهم كنيرون وكسرى.
يهنئ قيصراً على انتصار وبطولة، أي إنتصار أي بطولة على رجال عزل ونساء وأطفال. ويتهكم شاعرنا على العدالة الاسرائيلية، تلك العدالة التي لا تضاهى، ثمن خمسين شهيداً قرش. وذلك القرش الذي نحرم به سيدمي لمسؤوليته عن المجزرة.
ثم يستمر في الحديث عن “رحمة” القتلة وعن عدلهم، ويقول عن طالب الثأر منهم ان “لئيم” وهذه الطريقة الهازئة هي اكثر ايلاماً لمن يحس ويشعر.
ان ما قلناه قليل وهناك امور في اعماق القلب لا تمحى، والى ان ننتصر على الظلم سوف املأ الدنيا هتافاً لا يقبل المساومة. كفرقاسم كفرقاسم دمك لا زال مائلاً امام اعيننا ونحن مستمرون في النضال والمقاومة.