خربة سْبيطه (مدينة سبيطه) – فوزي حنا

هي واحدة من مدن الأنباط السّت التي بنوها في النقب على درب التوابل/العطور، وهي سبيطه، عبدة، رحيبه، كُرنُب، حالوصه وعوجا الحفير.والأنباط، من العرب، استوطنوا النّقب وسيطروا على تجارة العطور والتوابل والبخور، وأوّل من كتبوا العربيّة، وأبدعوا في التّأقلُم مع الصحراء الجافّة، وذلك من خلال بناء السدود وحصر مياه السيول وتخزينها وبناء مدرجات زراعية.أما المدينة التي نحن بصددها فقد أقيمت غربي النقب بين عبدة وعوجا الحفير، ويرجّح أنها قامت في عهد الملك الحارث الثاني في نهاية القرن الأول قبل الميلاد، أما اسمها فمن المحتمل أن يكون تحريفًا لشوبيتو أحد زعماء القوم.تقع المدينة على السفح الجنوبي الغربي لجبل رجم الضّبعه الذي يرتفع 360م عن سطح اليحر، وعلى حافّة وادي زيّاتين.اعتمد سكّانها في معيشتهم على الزراعة وعلى خدمة القوافل، وبعد توقّف القوافل في الفترة البيزنطيّة تحوّلوا للزراعة فقط، وظل الأمر كذلك خلال الفترة الإسلاميّة حتى خرابها في القرن الميلادي التاسع، وسكنتها فيما بعد عائلات بدويّة.بلغت مساحتها القصوى نحو 100 دونم.يدلّ على ازدهارها الزراعي تليلات العنب الكثيرة والمعاصر والقنوات والسدود.من الآثار التي تلفت النظر، بركتا الماء في الناحية الجنوبية وسعتها نحو 2000 متر مكعب وصلتها بواسطة قنوات حجريّة، ومنها نقلت المياه إلى الآبار الخاصّة كما يظهر في أحد النقوش الفخّاريّة التي وجدت هناك، وقرب البركتين بقايا مسجد من الفترة الإسلاميّة من القرن الميلادي السابع.وقرب البركتين أيضًا وُجد اسطبل للخيل.وفي المدينة بقايا ثلاث كنائس الصّغرى في الوسط بين البيوت وملاصقة لها، والوسطى في الجنوب وقد بنيت كما يبدو على أنقاض معبد نبطي وثني، وعلى أحد جدرانها وجدوا رسمًا يشير إلى تجلي المسيح من جبل طابور، امّا الكبرى ففي الشمال فقد بلغ ارتفاعها نحو 10 م وتقع في الزاوية الشمالية الشرقية وعلى مدخلها حرفان  هما (ألفا و أوميچا) وهما الحرفان الأوّل والأخير، دلالة على قول السيد المسيح ( أنا البداية وأنا النهاية ).كما وجدوا جرن تعميد بشكل صليب كما كان متبعًا في تلك المنطقة وذلك الزمان.وقرب الكنيسة بقايا بيت عظيم يشبه القصر، قد يكون لحاكم المدينة أو أحد الأغنياء، وقد ظنّه بعض الباحثين ديرًا، ذلك لأن على مدخله صلبان داخل أكاليل من الزهر.وقرب البيت ومن حجارته بنى الباحث الأمريكي هاريس كولط بيتًا ليسكنه والبعثة المرافقة أثناء عملهم في البحث ( 1934 حتى 1938)، وعلى مدخل البيت نقش يقول ( بنى كولط هذا البيت من ماله ). شمالي المدينة اكتشفت آثار ثلاث معاصر للعنب، مما يدل على ازدهار زراعة العنب، وكبرى هذه المعاصر تحتوي على بئرين لتجميع العصير. وحول المدينة رحوم من الحجارة سمّاها العرب (تليلات العنب)أو (رجوم الكروم) وتبنّى الباحثون التسمية، وهي عبارة عن رجوم حول سيقان العنب لتحميها من الجفاف وتزوّدها بالنّدى الساقط من الحجارة ليلًا.ومن الجدير بالذكر أن الپروفسور ميخائيل إيڤن أري قام بترميم مزرعة نبطية قرب المعاصر، وهي عبارة عن مدرجات زراعية على السفح، غرس فيها أنواعًا من الأشجار وقد نمت دون عناية خاصة، مثل الخرّوب والبطم والتين واللوز والرّمّان والزيتون والعنب والخوخ والمشمش.للوصول إلى سبيطه نسافر جنوبًا 8 كيلومترات من مفرق سبيطه على شارع 211 المتفرّع من شارع 40 بين بير السبع  وعبدة.

Post Tags:

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*
*