لا وقت في غـزّة -فوز فرنسيس
- by منصة الراي
- May 22, 2021
- 0
- 547  Views
- 0 Shares
~~~
في غزة لا وقت لتذكر الساعة واليوم..
فأنت مشغول قلِق مترقّب النهار والليل أكثر
الأوقات لم تعد بذات قيمة.. ليلُ غزة كالنّهار مشعّ مضيء
والثّانيةُ من ذهب باتت إن أحسنت استغلالها..
جثث وجرحى.. أرواح تزهَق في لحظة
بنايات، أبراج ومساجد كما في الأفلام أو الألعاب الإلكترونية
تتهاوى خرابا ودمارا في دقائق..
بلونِ الدخان الداكن تتصاعد الكراهية
ألسنة النيران حمم بركانية ثائرة
ودرجة الغليان فاقت درجات قياس فهرنهايت..
يقولون مُسلِّمين..
خير لنا أن نموت أسرةً ولا يبقى أحدنا يتألم ويتحسّر..
وإخوة يتبادلون أولادهم فيما بينهم.. على حسن الطالع والحظّ متّكلين..
يا لهذا الزمان الأليم العصيب.. على كف عفريت باتت الحياة
أيها الموت اللئيم الثقيل الموجع المتربّص.. رفقًا
رفقًا أيها الموت الوحشي المتعطش للدماء وأنت تغرس أنيابك الشرسة..
في غزة تقيس اللحظات وأنت تنتظر عمّال الجرافات وطواقم الإسعاف لتحصي عدد الجرحى والشهداء
تقيس الوقت بقدرتك على انتشال أحدهم بخفّة متناهية من تحت الرّدم
تعرف الساعات من تخثّر الدماء على أجساد الجرحى وأشلاء القتلى..
تدركه الوقت بمدى استيعاب صغير مبتسم لفقدان أسرته، وقدرته على التفوّه ببعض الكلام..
الوقت أسرع من سرعة الخاطر لديك..
حين تهبّ إلى شرفة بالجوار لتلتقطَ ثوبا عن حبل غسيل بقي صامدا، تغطي به عورة جريح أو..
الوقت يقاس بمدى سرعة تفكير المشيّعين في تشييع موتاهم بين موت وموت..
لا وقت هناك… لا لتُلملمَ حزنك وأشلاءك.. ولا للنّدب والرثاء
في غزة سلّم بأمرك وكن على أهبة الاستعداد لكلّ طارئ فجائي
وبين لحظات الانتظار الدقيقة تفقّد ذاتك وأحبّتك
واطرحْ عليهم السلام وبادلْهم نُتَف الكلام
فالوقت لن يسعفَك في سرد التفاصيل المملّة وتسارعِ الأحداث
كلّ شيء يمضي برقًا كالذي يدور في الأجواء والفضاء…
في غزة الوقت عدّاء ماهر يفوق سرعة تفكيرك
في غزة لا وقت للإنتظار
لا وقتَ للابتسام أوالأحلام …