مسرحيّة جميع الأنبياء، والله أكبر بقلم: راضي شحادة
- by منصة الراي
- October 8, 2021
- 0
- 887  Views
- 0 Shares
فرطت المـُظاهرة، حَضِّر حَالَكْ للقَتْلِة:
ما دامت الأديان السّماويّة انبثقت عن أنبياء ثوريّين وواعين وإنسانيّين، فلماذا كلّ هذا التّوتّر الموجود بين الدّيانات وأصحابها، فتوحي لك أنّها أحزاب تتناطح من أجل إثبات أنّ كلّ دين هو أحقّ من الدِّين الآخر؟ وما دام الأنبياء إنسانيّون، فلماذا لا نسعى لتوحيد المشترَك بين جميعها كي نجمع بين قلوب البشر ونوحّدهم على فكر إنساني مُكتِّل لهم؟
لطالما راودتني فكرة عمل مسرحي مستوحى من هذه الفكرة. عمل مسرحي يكون أبطاله الأنبياء بحيث نتعرّض لإنسانيّتهم المشتركة، فنبثّ من خلالهم للنّاس فكرة الوحدة بين البشر وليس الانشقاق والطّائفيّة والعنصريّة. وعلى سبيل المثال لا الحصر:
بعد أحد عروض مسرحيّاتنا التي سُمِح لنا بتقديمها في إحدى غرف إحدى الكنائس، توجَّه إليّ “أبونا” الخوري راعي الرّعيّة، ومسؤول تلك الكنيسة، مبدياً إعجابه بالعرض، وأكّد لي بحماس على مدى تفاعل الجمهور مع المسرحيّة، فقال لي متحمّساً:
– ما رايك أنْ ننتج مسرحيّة بالتّعاون بين الكنيسة ومسرحكم عن حياة السيّدالمسيح؟
– وهل ستعطيني حُرِّيَّة الإبداع بتأليف المسرحيّة من وجهة نظري الشّخصيّة؟
– إفعل ما تريد، شريطة ألّا تحوّل الموضوع الى مهزلة.
– ولكنّني أجد في شخصيَّة السّيد المسيح الكثير من الأفكار السّامية التي يمكن أنْ نفيد بها أخلاقيّات البشر.
– وأنا مع هذا التَّوجّه.
– أنت تعرف يا “أبونا” الخوري أنّ بلدنا فيها مسيحيّون ومسلمون ودروز،وجيران يهود، ولكوننا أبناء بلد واحد، وأبناء شعب واحد، وأتْبَاعاً لديانات سماويّة فيما بينها الكثير من المشترك، فلا بدّ أنْ نسعى لإنتاج مسرحيّة عن حياة المسيح، وأخرى عن حياة محمد، وأخرى عن حياة النّبي شعيب، وبما أنّجيراننا اليهود أبناء المستوطنات المجاورة يتبضّعون من قريتنا، وهنالك مصالح مشتركة بيننا، فَلَا مانع أنْ ننتج من أجلهم مسرحيّة رابعة عن حياة النّبي موسى.
بل ما رأيك يا “أبونا” الخوري أنْ ننتج عملاً مسرحيّاً واحداً تكون فيه الأفكار الـمُشتركة بين الأنبياء هي بطلة المسرحيّة، وهكذا نتوجّه في عروضنا الى الجمهور كشعب أو كبشر وليس كطوائف متعادية ومتشرذمة، فَنُساهِم بذلك في التّقليل من العنصريّة والحقد، ونزيد من التَّسامح بين النّاس؟ ولا أظنّ أنّ أيّاً من أصحاب هذه الدّيانات يرفض هذه الشّعارات.
– أنا من جهتي أخبرتك بوجهة نظري، وأترك لك حُرِّيَّة الاتّصال والتّنسيق مع سائر زعماء الطّوائف كي تحصل على موافقتهم بإنتاج مثل هذه المسرحيّة.
كنتُ عَمَليّاً جِدّاً، فقلت له: هائنذا أطرح الموضوع للتَّباحث وللنّقاش من خلال وسائل الميديا الـمُتاحة، فما رأي المشايخ الدّروز والمسلمين والحاخامين العبرانيّين في هذا الطّرح؟ أنا بانتظار ردّكم وفتاواكم.
لا بدّ لنا من إيجاد وسيلة لإرجاع المحبّة والوئام والسّلام والاتّحاد بين سكّان هذه الأرض، ولا بدّ من طرحٍ فِكريٍّ مَا يجمعهم، وإذا كانت الدّيانات ترفض جمع قلوب البَشر مهما كان دين كلٍّ منهم، فإنّنا سنجد فيها أسبابا لا حصر لها للتّفرقة، وربّما هذا ما لا يقبله أنبياؤها الإنسانيّون المؤسّسون لها، وعندها سنعمل مسرحيّة أخرى سيكون توجّهها “اللادين”، وإذا كانت ممارسة الدّيانات تتمشّى مع طرح مؤسّسيها في المشترك الإنساني بينها فأهلاً وسهلاً بها في مسرحيّتنا القادمة.- مسرحيّة عن المسيح؟ مسرحيّة عن محمّد؟ مسرحية عن النّبي شُعَيب؟ مسرحيّة عن موسى؟.. مسرحيّة عن اللّادين.. لا حبيبي..أنا ما بتْحَمّل الضَّرب..فَرْطَت الـمُظاهرة..!!!
****
هاجس مسرحيّ: راضي شحادة
هاجس كاريكاتيريّ: خليل أبو عرفة