خربة كرازه (كورزين أو كورزيم) – فوزي حنا

” الويل لك يا كورزين، الويل لك يا بيت صيدا، فلو جرى في صور وصيدا ما جرى فيكما من المعجزات لتابتا توبةً بالمسح والرّماد من زمن بعيد ” – إنجيل متّى 11(21).وجاء مثل هذا في لوقا 10(12).  وكورزين هذه إحدى مدن شمال بحيرة طبريّا، كانت تشكّل مع شقيقتيها كفر ناحوم وبيت صيدا مثلّثًا، حيث وقعت شقيقتاها على شاطئ البحيرة وهي على هضبة بازلتيّة عُرِفَت باسمها.هذه المدينة التي كانت صغيرة في زمن الرّومان، تطوّرت وكبرت في بداية الفترة البيزنطيّة لكن نجمها خبا في العام 370 م ثمّ أعيد بناؤها بمساحة أكبر في القرن الخامس، ووصلت مساحتها أكثر من 70 دونمًا. واشتهرت المدينة آنذاك بجودة قمحها.بقيت المدينة في ظل الدولة العربية الإسلاميّة لكنّها ضعفت رويدًا رويدًا حتى الفترة العثمانيّة ليسكنها عرب الشّمالنه، وكانت قريتهم مكوّنة من شطرين، المزارعون بنوا بيوتهم داخل الخربة ومن حجارتها والرّعاة نصبوا فيها بيوت الشّعر الموسميّة، وبنوا مقامًا يزورونه وينذرون له النذور دعوه (مقام الشيخ رمضان) الذي ما زال قائمًا.زارها الرّحّالة إدوارد روبنسون في القرن التاسع عشر وكتب: وصلنا إلى ينبوع ماء فاسد اسمه بير كرازه، وليس بعيدًا أن تكون هذه الخرائب التي رأيناها بقيّة قرية خَرِبة يُطلَق عليها هناك اسم خربة كرازه، وتبعد عن تل حوم نحو 3 أميال.في أيّار 1948 هاجمتهم القوّات الإسرائيليّة بقيادة يچآل ألون ضمن عمليّة (مطاطي) أي المكنسة والتي هدفت إلى احتلال المنطقة الواقعة شمال بحيرة طبريّا وتهجير عربها.فتشتّت شملهم، وكان عددهم آنذاك نحو 800 نسمة.ومن الأحداث المثيرة التي حصلت للقرية في بداية الانتداب، أن تفجّر خلاف على ملكيّة الأرض بينهم وبين أغنياء من عائلة مراد الصّفديّة، رفع الأهالي قضية في المحكمة التي أقرّت أنه وفقًا للوثائق فإن الأرض قد باعها مشايخهم لآل مراد سرًّا، فهي ملك شرعي للعائلة الصّفديّة. غضب الأهالي وأعلنوا تهوّدَهم احتجاجًا، ممّا جعل مفتي عكا أسعد الشّقيري ومفتي صفد أسعد قدّوره ومفتي عام فلسطين محمد أمين الحسيني وأمير عرب الفضل محمود الفاعور، التّدخُّل من أجل عودة السكّان عن قرارهم التّهوّد والعودة إلى إسلامهم.نفى عرب الشمالنه آنذاك تركهم دينهم لكنها خطوة احتجاجيّة، وأصدر المختار مصطفى الصالح بيانًا يبيّن الحقيقة. (راجع كتاب الدكتور مصطفى العبّاسي- قرى قضاء صفد في عهد الانتداب).التّنقيبات والاكتشافات:بدأت التنقيبات الأثريّة في أيام الدولة العثمانيّة ثمّ الدولة الانتدابيّة ثمّ دولة إسرائيل، وتمّ اكتشاف طريق مرصوف يخترق المكان من الجنوب للشّمال، كما اتشفت آثار كنيس يهودي من أيام الرّومان وفيه كرسي من البازلت عليه نقش آرامي، تمّ نقله إلى متحف إسرائيل في القدس، يتوسّط الكنيس أربعة أحياء سكنيّة، كما اكتشفت معصرة.قامت السلطات المختصّة بترميم بعض المواقع وتهيئتها للزّيارة في سنوات الثمانين من القرن العشرين.تقع هذه الحديقة الوطنيّة على شارع 8277 الذي يربط بين 90 و 87، طرفه قرب كفر ناحوم والطرف الآخر قرب التطويبات.

Post Tags:

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*
*