مغارة الخضر – حيفا – فوزي حنا

اعتاد البشر تقديس بعض الظواهر الطبيعية كالكهوف والقمم والعيون والأشجار الخ..وجبل الكرمل الذي يشقّ السهل الساحلي ويصل رأسه إلى البحر كانت له قدسية على مرّ العصور، وكذلك بعض كهوفه، وهذا الكهف  الذي نحن بصدده أحدها.يقول بعض الباحثين أن قدسية هذا المكان المسمّى اليوم مغارة الخضر أو الياهو، بدأت من العصور القديمة حيث كان معبدًا لإله الشمس هيليوس، حتى جاء البيزنطيون ونسبوه لإيليا النبي الذي هو الياهو والياس والخضر، ويقولون إن هذا النبي تعبّد وعلّم تلاميذه واختبأ من وجه أعدائه في هذا المكان، ويقولون إنه من هنا خرج لمحاربة أنبياء/كهنة البعل.انتقل هذا الإيمان من المسيحيين لليهود ثم للمسلمين، لهذا زار هذه المغارة أتباع هذه الديانات الثلاث الني تبجّل هذا النبي، هنا اكتسبوا بركته وقدّموا له القرابين، وآمن بعضهم أن المكوث في المكان يشفي من الأمراض، خاصّةً الأمراض النفسيّة، فاعتقدوا أن ارواحًا شرّيرة سكنت هؤلاء المرضى، فكانوا يأتون بهم زفضاء عدّة أيام حتى تغادر أجسادهم تلك الأرواح.وساد إيمان أن المياه العذبة تتدفّق من جنبات المغارة لتطهيرها إذا ما دخلها شخص نَجِس، وأن مياه بئرها ترتفع حتى الخرزة حين يدخل مؤمن تقيّ صادق .في أيّام المماليك تحوّلت المغارة إلى مقام إسلامي، وظلّ كذلك حتّى قيام الدولة الصهيونيّة.لاحقًا في فترة الحكم العثماني تمّت تغطية الجدران بالسّجّاد التركي، وبنيت غرف لإيواء الزوّار الذين زاروا المقام لعدّة أيّام، وما زالت هذه الغرف قائمة حتّى اليوم.كانت تقوم عائلة بالإشراف على هذا المقام، وفي العام 1948 كانت تحت مسؤوليّة عائلة الحاج ابراهيم الحيفاويّة، حتّى سيطرت عليها الدولة الجديدة وحوّلتها إلى مقام مقدّس يهودي تحت إشراف وزارة الأديان.وفي فترات طويلة سكنها بعض الدّراويش. اعتاد المسلمون عندما كانت المغارة تحت سيطرتهم من عهد المماليك حتى الانتداب البريطاني أن يقدّموا القرابين ويوفوا النذور ويعلّقوا أشرطة خضراء على الجدران وأغصان الأشجار، رمزًا للزيارة ولكسب البركة، فيأتي من يليهم لينزع بعض تلك الأشرطة المباركة لربطها حول زنود أبنائهم لحمايتهم من أي مرض أو سوء.وكانت زياراتهم مطعّمةً بالسّمر والولائم والأهازيج الدّينيّة، ومنها:يا خضر لِخضَر أجوك اليوم طيرينواحد مرَيّش والثاني كحيل العيننذرٍ عليّ ان عاشو ها لِثنينلاذبَح ذبايح واوفي للخضر ديني.اليوم المغارة تحت سيطرة اليهود والذين لهم هنا زيارتان رسميّتان والإضافة للزيارات اليوميّة والتّواجد اليومي، وهاتان الزيارتان في (لاچ بعومر) أي بعد الفصح بثلاثة وثلاثين يومًا وهو ذكرى وفاة الرّابي شمعون بار يوحاي، وكذلك في الأيام التي تلي (سبت نحمو) وهوالسبت الذي يلي 9 آب العبري وهو ذكرى خراب الهيكل.واعتاد بعضهم الوصول إلى داخل المغارة حبوًا، تواضعًا وخشوعًا. الوصول للمغارة سهل، من الطرف الغربي لشارع أللنبي مقابل المتحف البحري، وهناك مسار جميل ينزل للمغارة من ستيلامارس، وهنا يرجى الحذر من الانحدار الشديد، رغم وجود درج منقور في الصخر في بعض القطاعات.

Post Tags:

Total Comments ( 1 )

  • د. خالد تركي حيفا says:

    لقد أوت مغارة الخضر، السَّيِّدة العذراء ليلةً واحدةً وعائلتها المقدَّسة، عندما عادوا من مصرَ إلى النَّاصرة، بعد أن هربوا إليها من بيت لحم، عندما أراد هيرودس بعد ولادة الطِّفل يسوع، في مغارته، بقتل جميع أطفال البلدة، لقد كانت حياة وليدها يسوع المسيح، الطِّفل الرَّضيع، في خطر، وكذلك فقد أوت منطقة الخضر جنود النَّاصر صلاح الدِّين الأيُّوبيِّ حين أتى وجنوده بلادنا لتحرير بيت المقدس من طغيان وظلم الفرنجة، ومغارة الخضر هي مأوى الملاك جبرائيل\جبريل، زد على ذلك أنَّ مار الياس كان يُعلِّم تلاميذه في تلك المغارة، “مدرسة النَّبي إيليَّا”، وحين جاء محمد بيك ابو الذَّهب في اواخر القرن الثَّامن عشر، حيفا، بدأ بهدم دير مار الياس فانتقم منه النَّبي ايليا (بحسب الرِّواية) ومات البيك أبو الذَّهب في نفس الليلة أو بعد يومين من الهدم..

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*
*